على رغم إعلان وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التابعة للسلطة الفلسطينية، مطلع شباط الجاري، إطلاق مشروع الترميز البريدي الخاص بها، في خطوة كانت تأمل أن توقف من خلالها احتجاز إسرائيل البريد الوارد إليها، لا يزال فلسطينيون كثر يشتكون عدم وصول البضائع والطرود التي يشترونها من مواقع تسويقية عالمية كـ«أمازون» و«علي إكسبرس». وكان مسؤول العلاقات الدولية في البريد الفلسطيني، عماد الطميزي، وعد بأن إطلاق البريد الوطني «سيمنع احتجاز إسرائيل الطرود البريدية الآتية إلى فلسطين، وسيساعد في تحقيق جدوى أعلى وأكثر دقّة وبيانات أوضح للمستفيدين». ورأى الطميزي أن هذه الخطوة تشكّل «إنجازاً وطنياً»، مشيراً إلى أن الخسائر التي تكبّدها البريد الفلسطيني نتيجة القرصنة الإسرائيلية «تجاوزت 43 مليون شيكل (نحو 13,3 مليون دولار) منذ عام 1994»، مضيفاً: «(أنّنا) رصدنا في عام 2020 أكثر من 7 آلاف انتهاك للمواد البريدية من الجانب الإسرائيلي، ما بين فتح طرود أو حجزها أو استدعاء أصحابها للتحقيق معهم».لكنّ ولاء، وهي شابّة من محافظة نابلس، تقول إنها تواصلت مع «علي إكسبرس» في تشرين الثاني الماضي للحصول على بعض المنتَجات، وبعدما أتمّت معاملتها ودفعت ثمن ما طلبته، تفاجأت بأن أغراضها لم تصل حتى الآن. وتضيف، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذا التأخير دفعها إلى التواصل مع خدمة الزبائن الخاصة بالموقع، ليتمّ إبلاغها بأنه جرى إيقاف طلبها بسبب الترميز البريدي. وتلفت الشابّة إلى «أن وزارة الاتصالات الفلسطينية أعلنت قرار البدء بالترميز البريدي مطلع العام الجاري (...)، وأنا قمت بشراء منتجات من علي إكسبرس في شهر تشرين الثاني الماضي، أي قبل إصدار القرار»، مطالبةً «بتسليم الطرود للجانب الإسرائيلي»، أو «العمل على حلّ هذه المشكلة من جانب وزارة الاتصالات، أو استعادة أموالي التي دفعتها هباءً». والجدير ذكره، هنا، أن الشحنات البريدية المُوجَّهة إلى الفلسطينيين لا تزال تصل حتى اليوم عبر إسرائيل أو الأردن، حيث يتمّ فرزها ومن ثمّ ترسَل إلى أراضي السلطة، ما يعني تأخُّر وصولها إلى أصحابها.
ويشير خليل مطر من غزة، والذي تسوّق عبر موقع «أمازون» في شباط 2020، بدوره، إلى أنه لا يُسمح للفلسطينيين بالتسوّق إلّا عند إدراج إسرائيل عنواناً لتلقّي الطرود، التي تعرِض الشركة شحنها مجاناً إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ويقول مطر، لـ«الأخبار»، إنه اشترى بعض البضائع من «أمازون»، ووضع الرمز البريدي للسلطة الفلسطينية، ولكنّ الشركة طلبت منه وقتذاك الحصول على مبلغ مقابل الشحن، مضيفاً أنه «إذا وضعنا إسرائيل، يتمّ شحنها مجاناً». وبدأت شركة «أمازون» بالبيع في إسرائيل في تشرين الثاني 2020، وهي تُوفّر خدمة الشحن المجاني لسكّان المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية للطلبات التي تزيد قيمتها على 49 دولاراً. وبحسب صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، فإن الشركة الأميركية تشترط على الفلسطينيين وضع إسرائيل عنواناً لهم لتلقي الخدمة المجّانية ذاتها، وفي حال وضع «المناطق الفلسطينية» في خانة العنوان، فإنهم سيدفعون رسوم شحن وتغليف تزيد على 24 دولاراً. واعتبرت الصحيفة أن «أمازون» تمارس تمييزاً عنصرياً صارخاً ضدّ العملاء على أساس جنسيّتهم.
تلقّت «جمعية حماية المستهلك» خلال العام الجاري أكثر من 120 شكوى من المواطنين


من جهتها، تفيد رئيس «جمعية حماية المستهلك»، فيحاء البحش، بأن الجمعية تلقّت خلال العام الجاري أكثر من 120 شكوى من المواطنين في جميع المحافظات الفلسطينية، بخصوص التعامل مع التجارة الإلكترونية. وتوضح البحش، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الشكاوى التي وردتنا من بعض المواطنين كانت بخصوص الترميز البريدي، حيث إنهم لم يعرفوا أن هناك رمزاً فلسطينياً خاصاً»، مبيّنة أن «هذا الرمز لم تعترف به الشركات الأجنبية التسويقية حتى الآن، وبالتالي ترتفع كلفة السلعة»، مضيفة أنه «إذا اشتريْت السلعة نفسها ووضعت الرمز الإسرائيلي فإن سعرها يختلف عمّا إذا وضعت الرمز الفلسطيني، الذي قد يصل معه السعر أحياناً إلى الضعف». وتلفت البحش إلى أنه «على رغم دفع تكلفة عملية الشحن، لم يتمّ إدخال هذه البضائع»، متابعة أن «حماية المستهلك» تواصلت مع وزارة الاتصالات بهذا الخصوص، مطالبةً الوزارة بإبرام اتفاقيات مع شركات «الأونلاين» العالمية، من أجل تسهيل معاملات الطلبات الخاصة بالفلسطينيين.
إزاء ذلك، يكشف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إسحاق سدر، أنه «تمّ حلّ المشكلة مع شركة أمازون الأميركية، لكنها لا تزال عالقة مع موقع علي إكسبرس الصيني»، مشيراً إلى أن وزارة الاتصالات تبحث هذا الموضوع عبر مفاوضات مع شركة «علي بابا». ويقول سدر، في حديث إلى «الأخبار»،«(إنّنا) لن نتعامل مع أيّ بريد غير معنوَن بفلسطين وليس فقط الرمز»، مضيفاً أن «أيّ شركة تنتهج هذا الطريق العنصري سنقف ضدّها وسنتعامل معها بهذا الأسلوب». وكانت صحيفة «جيروزالم بوست» العبرية قد ذكرت، نهاية العام الفائت، أن شركة التجارة الإلكترونية الصينية العملاقة «علي بابا» لن تسمح بعد الآن للمتسوّقين الفلسطينيين بالشراء عبر موقعها «علي إكسبرس»، لأن «خدمات البريد التابعة للسلطة الفلسطينية ترفض التعامل مع الطرود التي تحتوي على كلمة إسرائيل في العنوان». والجدير ذكره، هنا، أن الرمز البريدي الذي يتمّ الحصول عليه من خلال موقع إلكتروني أطلقته وزارة الاتصالات والمعلومات الفلسطينية، يحمل أرقاماً لأماكن السكن، يبدأ كلّ منها بحرف P، في إشارة إلى كلمة فلسطين باللغة الإنكليزية.