غزة | مع تصاعد الأحداث في مدينة القدس المحتلة، واستمرار عضو «الكنيست»، المتطرّف إيتمار بن غفير، في استفزاز الفلسطينيين في حيّ الشيخ جراح، تبادلت فصائل المقاومة الفلسطينية وسلطات العدو رسائل عدّة، ضمن مباحثات استمرّت أياماً لمنع اندلاع مواجهة جديدة على غرار معركة «سيف القدس». وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في حركة «حماس»، فقد تلقّت الحركة، من خلال الوسطاء المصريين والقطريين، رسائل طمأنة من دولة الاحتلال بأن الأخيرة ستمنع الصدام في «الشيخ جراح»، وأنها لا ترغب في دخول معركة مع قطاع غزة خلال الفترة الحالية، وأن ما يجري له أهداف سياسية داخلية تُعاكس تَوجّهات الحكومة الحالية. وفي المقابل، أكدت المقاومة، عبر الوسطاء، أنها لن تسمح بكسر المعادلة التي رسّختها خلال المواجهة الأخيرة، وأن «قضية القدس خطّ أحمر»، و«الاعتداء عليها سيشعل الأوضاع بشكل غير متوقَّع لجميع الأطراف». وفيما ردّ الاحتلال على ذلك بالتحذير من أن تدخُّل غزة في ما يجري في القدس سيعني عملية عسكرية جديدة، أبلغت المقاومة المعنيّين بأنّها على أتمّ الجاهزية لدخول معركة لصالح القدس، وأن «ما سيحدث سيكون مفاجئاً، لأن عدّة أطراف ضمن محور المقاومة أعلنت أنها جزء من هذه المعركة».وعلى الأرض، أوقفت سلطات الاحتلال وصول المستوطنين الذين دعاهم بن غفير إلى «الشيخ جراح»، منعاً لحدوث صدامات بينهم وبين السكّان الفلسطينيين والمتضامنين. وأبلغت الحكومة الإسرائيلية، الوسطاء، بأن هذه الخطوة تأتي لتهدئة الأوضاع، وتأكيد عدم انسياقها خلف مخطّطات بن غفير الهادفة إلى تحقيق مكاسب سياسية وإسقاط الحكومة الحالية. لكن قوات الاحتلال لم تمتنع، على رغم ما تَقدّم، عن تدمير مكتب الناشط المقدسي، محمد أبو الحمص، في الجانب الغربي من الحيّ، والاعتداء على الأهالي ومُسانديهم هناك. ومع أن حالة هدوء نسبي تسود «الشيخ جراح» حالياً في ظلّ استمرار تواجد بن غفير في خيمته وحيداً، إلّا أن قيادة العدو لا تزال تخشى تصاعد الأحداث وتطوّرها إلى مواجهة جديدة مع غزة. ولذا، نصب الجيش الإسرائيلي، أمس، عدداً من بطّاريات منظومة «القبة الحديدية» في مناطق قريبة من القطاع، خشية انطلاق صواريخ منه في اتجاه المدن المحتلّة.
وتتوقّع دولة الاحتلال تصعيداً خلال الفترة المقبلة، بعدما أمرت إحدى محاكمها بإخلاء العائلات الفلسطينية من «الشيخ جراح» في الفترة ما بين آذار ونيسان المقبلَين. لكن ثمّة تقديرات بأن شرطة العدو ستحاول تجنُّب عملية الإخلاء قبل شهر رمضان الذي سيبدأ مطلع نيسان، خشية تفجُّر الأوضاع بشكل شامل في مدينة القدس ومختلف المناطق الفلسطينية. وفي الإطار نفسه، حذر قائد فرقة الضفة الغربية في جيش الاحتلال، العميد آفي بلوط، من سيناريوات سيّئة خلال شهر رمضان، قائلاً إن«كلّ ظروف التصعيد قائمة، ولكن تحتاج أيّ شرارة، والشرارة يمكن أن تكون عملية اغتيال لفلسطينيين مثل تلك التي حدثت الأسبوع الماضي، أو اعتداءات المستوطنين في الشيخ جراح أو المسجد الأقصى، أو الضحايا الفلسطينيين في المواجهات».