بغداد | حادثة الموصل وتهاوي الجيش العراقي أمام تنظيمات إرهابية صغيرة ملآ سكان عاصمة الرشيد بالغضب والقلق مما ستؤول إليه الأيام المقبلة، في وقت يشهد فيه محيط المدينة أحداثاً أمنية مشابهة للموصل وصلاح الدين. ويعيش أبناء بغداد اليوم ثورة ذاتية مشحونة بغضب على الحكومة لسوء إدارتها ملف الموصل، وعلى قيادات ميدانية فشلت في التعامل مع مواقف عدة. أدى هذا الغضب إلى إعلان بعضهم تشكيل لجان شعبية، وتوجه البعض الآخر إلى أقرب معسكر أمني للتطوع في صفوف الجيش، وغضب على الحكومة لسوء إدارتها ملف الموصل والإصرار على قيادات ميدانية فشلت في التعامل مع مواقف عدة.
«حزام بغداد» في خطر

تحسس البغداديون الخطر بعد حظر تجوال جزئي فرضته قيادة العمليات في العاصمة في مناطق حزام بغداد ومنافذها ابتداءً من الساعة العاشرة ليلاً حتى السادسة صباحاً، يأتي ذلك بعد تصاعد التوتر الأمني في مناطق عدة من المدينة الموسومة بـ«حزام بغداد».
منطقة التاجي (شمالي بغداد)، شهدت هي الأخرى هروب عدد من جنود الجيش من المعسكرات وأبراج المراقبة إثر تلقيهم تهديدات مباشرة من قبل تنظيم «داعش»، في حين استعدت العشائر هناك لصد أي هجوم محتمل. ويقول محمد التميمي، أحد سكان المنطقة، إن عشيرة بني تميم أعدت العدة والعتاد واستدعت العديد من الرجال من مناطق مختلفة في العاصمة استعداداً لمعركة قد تدوم طويلاً إن حصلت. إذ تنوي عشيرته الهجوم على المناطق التي سيأتي منها المسحلون للثأر منهم. يشار إلى أن منظقة التاجي شهدت أعمال عنف طائفية في عامي 2006 و2007.
وشهدت منطقة ابراهيم بن علي الموازية لأبي غريب (غربي بغداد)، اشتباكات عنيفة ليل الأربعاء، دامت لأربع ساعات بين مسلحين قادمين من منطقة الكرمة المجاورة وبين قوة من الفرقة الثامنة في الجيش العراقي، قبل أن تحسم الطائرات الحربية المعركة. ويقول سعد عبد الله، أحد سكان المنطقة التي يعتاش أهلها على الزراعة وتربية المواشي، إنهم يمتلكون ما يكفيهم من عتاد وذخيرة وأسلحة للصمود، بل حتى للهجوم «إن سمح لهم الجيش العراقي بذلك»
أما المناطق المتبقية من «حزام بغداد» كاللطيفية وسلمان باك التي تتمركز فيها قوات من الشرطة الاتحادية، مسنودة بقوات من جهاز مكافحة الإرهاب، فقد شهدت أيضاً توترات أمنية منذ أكثر من عام، كما دارت فيها اشتباكات عنيفة، أول من أمس.

شبح الحرب

هذه الأحداث ألقت بظلالها على نفسية المواطنين في بغداد، إذ أصبحوا يشعرون بالخطر أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي تُرجم بعدم رغبتهم في مزاولة حياتهم الاعتيادية.
بعض الوزارات والدوائر الرسمية قلصت ساعات عمل موظفيها يوم أمس، كوزارة العلوم والتكنولوجيا. المصارف هي الأخرى تشهد ازدحاماً غير مسبوق، بعد تهافت البغداديين عليها لسحب إيداعاتهم تحسباً لأي طارئ، إذ يستذكر بعضهم ما حصل لهم إبان الاجتياح الأميركي عام 2003، وحصول عمليات نهب لجميع الدوائر والمصارف، وعدم حصولهم، حتى الآن، على جزء كبير من إيداعاتهم.
وبالرغم من أن العديد من سكان العاصمة يقصدون مناطق سياحية داخلية وخارجية في كل صيف، إلا أن هذه المرة كان الزخم مضاعفاً على مكاتب الحجوزات، فيما تصاعدت حركة مطار بغداد الدولي بنسبة كبيرة. إذ أعلنت الخطوط الجوية العراقية أنها استنفدت كل الحجوزات الخاصة برحلات مدينتي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان لمدة 10 أيام، وهي المرة الأولى منذ افتتاح الخط الجوي بين المدينتين.
السفارة الأميركية، من جانبها، سرّعت في مقابلات العديد من العراقيين المشمولين في برنامج الهجرة للعراقيين العاملين معها خلال الفترة الماضية، فاصطف عشرات العراقيين ينتظرون مقابلتهم أمام أبوابها، في المنطقة الخضراء، ما اضطر السفارة إلى تمديد فترات عملها. خطوة السفارة أثارت تساؤلات عدة حول «حرص» الولايات المتحدة على الإسراع في إنجاز معاملات هجرة العراقيين، كما لو أنها على علم بانهيارات أمنية مقبلة.