لا يكفّ المسؤولون في حكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، عن التعبير عن استيائهم من سياسات الإمارات تجاه اليمن. استياءٌ ليس مرتبطاً بدور الإمارات في العدوان على اليمن بشكل عام، بل ينحصر بأداء أبو ظبي ودعمها أطرافاً منافِسة في المناطق التي من المفترض أن تكون خاضعة لسيطرة «الشرعية». إذ إن للإمارات أهدافها الخاصة التي تتعدّى حسابات هادي وأعضاء حكومته، وتتعلّق بمصالحها وسعيها إلى أن تصبح «قوّة إقليمية كبرى» تسيطر على شبكة الموانئ المهمّة والمواقع النفطية وموانئ تصدير النفط والغاز في المنطقة والعالم، انطلاقاً من دورها الوظيفي ضمن المشروع الأميركي. ومن هنا، سرت معلومات صحافية تداولها صحافيون وناشطون جنوبيون، منذ أن مكّنت الإمارات وجودها في جنوب اليمن، عن طلب رسمي قدّمته أبو ظبي للرئيس اليمني المنتهية ولايته، بأن تكون مديريات المخا وذوباب وموزع ومقبنة والوازعية محافظة مستقلّة عن محافظة تعز، وجزءاً من إقليم عدن.يوم جدّد وزير الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في الرابع من شباط 2021، الإعلان أن بلاده أنهت تدخّلها العسكري في اليمن، بعد دقائق من قرار إدارة الرئيس الأميركي، جون بايدن، إنهاء دعم بلاده للحرب، صرَخ وكيل وزارة الإعلام في حكومة هادي، محمد قيزان، قائلاً: «اسحبوا جنودكم من ‎سقطرى، ‎وبلحاف، ‎وميون، وأوقفوا تسليح الميليشيات». كانت صرخته تلك تعبيراً واضحاً عن حجم امتعاض «الشرعية» من الأداء الإماراتي، ومحاولتها إيصال ذلك الامتعاض بقدْر الهامش المتاح لهم، كما عن حجم «المشروع» المتورّطة الإمارات في تنفيذه في اليمن، والذي يجعل المسؤولين في الحكومة الموالية للرياض، يشكون بمرارة من دور أبو ظبي، ولا يوفّرون مناسبة إلّا ويعبّرون فيها عن النتائج السلبية لهذا الدور، الذي أضرّ، من وجهة نظرهم، بفُرصهم في استعادة السيطرة على مناطق هامّة في البلاد، وهي التي لا تزال تحتفظ بالسيطرة على مناطق وجزر يمنية بعيداً من سلطة هذه الحكومة.
وفد إماراتي زار هادي في الرياض وقدّم له عرضاً بتولّي أبو ظبي إدارة ميناء عدن


بناءً عليه، ليس مستغرباً اكتشاف أن هادي، المقيم في الرياض، أشاع في أوساط المسؤولين السعوديين والدبلوماسيين المعتمَدين لدى المملكة، أن وفداً إماراتياً زاره في مقرّ إقامته، وقدّم له عرضاً يقضي بتولّي أبو ظبي إدارة ميناء عدن وجزيرة سُقطرى لمئة عام. وبحسب وثيقة مسرّبة اطّلعت «الأخبار» على مضمونها، فإن هادي، وفي معرض روايته، قال إنه فوجئ بهذا الطرح، خاصةً لجهة طول المدّة المقترحة، لكنه لم يشأ أن يخيّب أمل الإمارات، فأبلغ وفدها أن بإمكان بلاده قبول استثمار الميناء والجزيرة لمدّة تصل إلى 10 سنوات. وأشار هادي، وفق الوثيقة، إلى أن الإمارات لديها رؤية خاصة في استغلال حضورها العسكري في اليمن لترتيب نتائج اقتصادية لمصلحتها، وأنها تريد من خلال إدارة ميناء عدن انتزاع دور الموقع المنافس الذي يحتلّه الأخير، في قبالة موانئ الإمارات. ولذا، أعرب الرئيس المنتهية ولايته عن اعتقاده بأن أبو ظبي عرقلت مساعي حكومته لاستعادة السيطرة على الميناء.
وكشف هادي، طبقاً للوثيقة نفسها، أنه في مرحلة معيّنة، كانت القوات الموالية له «على وشْك تحرير عدن»، إلّا أنها فُوجئت بغارات جوّية شنّتها الطائرات الإماراتية وألحقت بها خسائر فادحة، مشيراً إلى أن الإمارات برّرت الغارات لاحقاً بأنها استهدفت «عناصر إرهابيّين». كما اتّهم أبو ظبي بأنها كانت سبباً في عرقلة جهود قوّاته في استعادة ميناء الحديدة، عندما أوعزت إلى القوات اليمنية التي تعمل تحت إمرتها بوقْف العمليات العسكرية هناك، وبأنها تعرقل خطط الحكومة وتمنعها من تحقيق أيّ مكاسب.