غزة | في الوقت الذي يسعى فيه فريق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى عقد المجلس المركزي لـ»منظّمة التحرير» في أقرب وقت ممكن، تتراجع غالبية الفصائل عن تلبية الدعوة لحضور جلسة المجلس، الذي يُعتقد أن الحاضر فيه كالغائب، في ظلّ استمرار الاتهامات لـ»فتح» بالتفرّد، ورفض المصالحة والتشارك في القرار الفلسطيني. وتدفع «فتح» في اتّجاه عقد الجلسة في السادس من شباط المقبل، لإمرار تعيينات جديدة في رئاسة المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، فيما يرى مراقبون أن الهدف منه ترتيب مرحلة ما بعد عباس. وتسعى الحركة إلى تأمين حضور «الجبهة الديموقراطية» و»المبادرة الوطنية» و»حزب الشعب» و»الجبهة العربية»، على أقلّ تقدير، لكن ذلك يصطدم بمؤشّرات إلى إمكانية مقاطعة «الديموقراطية» و»الوطنية» للاجتماعات.وفيما لا تزال «الديموقراطية» تتدارس الأمر، يبرز انقسام داخلي بين قياداتها الموجودة في غزّة والضفّة وسوريا؛ إذ ترفض الأولى أيّ مشاركة في اجتماع «المركزي»، بينما تضغط قيادات من الثانية لحضوره، بهدف انتزاع مناصب جديدة في المنظّمة. في المقابل، تأكّدت مقاطعة «الشعبية» والفصائل الأخرى، بحسب ما أفادت به مصادر مطّلعة «الأخبار». وكانت «الشعبية» قد أعلنت، في بيان أمس، رفضها المشاركة، مشدّدة على ضرورة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، «باعتبارها المدخل الأساسي لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة».
وجاء هذا الموقف بعد إعلان حركتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» رفضهما المشاركة في اجتماع «المركزي»، والذي وصفه القيادي في «الجهاد»، أحمد المدلل، بـ»الانقلاب على التوافقات الوطنية، وخصوصاً أن هناك توافقاً وطنياً سابقاً جرى في اجتماعات الأمناء العامّين على خريطة طريق تنهي الانقسام، ولم يتمّ الالتزام بتنفيذها». ورأى المدلل أنّ تعمّد السلطة إبعاد «حماس» و»الجهاد» و»الشعبية» عن اجتماع المركزي «هدف يُراد منه عزل هذه القوى، لإيصال رسالة من عباس إلى المجتمع الدولي، تفيد بأنه هو مَن يمسك بتلابيب القرار الفلسطيني».
تتخوّف قيادة السلطة من عدم مشاركة «الديموقراطية» و»الوطنية» في اجتماعات «المركزي»

بدورها، هاجمت «حماس» اجتماع «المركزي»، واصفةً المجلس بأنه «إحدى مؤسّسات المنظّمة المختطَفة من قِبَل قيادة السلطة، برئاسة عباس، منذ أن أصبح رئيسها». وأكدت الحركة، على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، أن «منظمة التحرير لا تمثّل كلّ الشعب الفلسطيني، ولا حتى جزءاً منه»، وهي «غير قادرة على تحقيق أهدافه، كما تقف ضدّ الإجماع الوطني». ورأت أن «السلطة تحاول أن ترمّم حضورها، الذي تآكل بسبب سلوك قيادتها، عبر عقد مجلس هنا وهناك من دون إجماع وطني، في محاولة ترقيعية لإشغال بعض المناصب لشخصيات محدّدة، حتى تستطيع مواصلة سياستها في العلاقة مع الاحتلال واستمرار التنسيق الأمني».
في غضون ذلك، أفادت مصادر «فتحاوية»، «الأخبار»، بأن قيادة السلطة تتخوّف من عدم مشاركة «الجبهة الديموقراطية» و»المبادرة الوطنية» في اجتماعات «المركزي»، ما سيعني مقاطعة جماعية للمجلس، وهو ما سيؤثّر على «شرعية» الحركة في قيادة «منظمة التحرير»، كما سيزيد الضغوط عليها لإحداث إصلاحات وتغييرات حقيقية في المنظّمة، التي توشك إعادة بنائها أن تصبح المطلب الرئيسي لجميع الفصائل، وليس «حماس» و»الجهاد» و»الشعبية» فقط. وأضافت المصادر إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، في ضوء موقف «الديموقراطية» و»الوطنية» و»حزب الشعب الفلسطيني»، لافتةً إلى أن اعتذار هذه الفصائل سيدفع «فتح» إلى تأجيل عقد «المركزي»، إلى وقت لاحق. وفي الإطار نفسه، علمت «الأخبار»، من مصادر فلسطينية، أن أجهزة أمن السلطة تمارس ضغوطاً على قيادات في «حزب الشعب»، لدفعها إلى المشاركة في اجتماع «المركزي».