بغداد | افتتاحية ساخنة سُجّلت لمجلس النواب العراقي الجديد، أمس، مع التطوّرات الدراماتيكية التي طرأت على المشهد السياسي، لتنتهي بضرْب رئيس السنّ، محمود المشهداني، بعد أن همّ بالمصادقة على طلب تَقدّم به «الإطار التنسيقي» الشيعي المعارِض لـ»التيار الصدري»، مُوقّع من 88 نائباً، لإعلانه الكتلة الأكبر في البرلمان، وليجري اختيار المرشّح لرئاسة الوزراء من قِبَله، ما استفزّ «الصدري» الذي فاز بـ73 مقعداً في البرلمان المكوّن من أصل 329 مقعداً، ويرى أنه هو من يحقّ له ترشيح رئيس الوزراء باعتباره الحزب الفائز بأكبر عدد من النواب.الانقلاب في المشهد، بدأ بتطوّر مفاجئ في كتلتَي «تقدم» و»عزم» الممثّلتَين لـ»المكون السُني»، تَمثّل بإعلان اتفاق بينهما يقضي بترشيح رئيس «تقدم»، محمد الحلبوسي، لرئاسة مجلس النواب، على أن يتولّى رئيس «عزم»، خميس الخنجر رئاسة الكتلة المندمجة في البرلمان، والتي قال الحلبوسي إنها صارت تضمّ 67 نائباً، ما أدى عملياً إلى حسم رئاسة مجلس النواب لمصلحة الأخير، غير أن عدداً من نواب «عزم» انشقّوا ورشّحوا المشهداني للمنصب، ثمّ نال الأخير دعم «الإطار التنسيقي» لترشيحه.
ووقعت مشادات كلامية بين نواب «التنسيقي» ونواب «الصدري»، وتعرّض المشهداني للضرب بعكّاز على رأسه من قِبَل أحد أعضاء «التيار»، وفق مصدر من داخل الجلسة، ليُنقل بسيّارة إسعاف إلى مستشفى ابن سينا في بغداد التي غادرها بعد ساعات. ثمّ سادت حال من الفوضى تخلّلتها هتافات لنواب «التيار» من قبيل: «نعم نعم للإصلاح»، بينما هتف نواب «الإطار»: «نعم نعم للحشد»، وأطلق فريق ثالث شعارات تأييد لحراك تشرين. وترأّس رئيس السنّ البديل، خالد دراجي، الجلسة بعد إصرار من نواب «الصدري» على استكمالها، على رغم خروج عدد كبير من النواب منها، ولا سيما نواب «الإطار».
الكرد سينتظرون التوافق الشيعي للدخول في المفاوضات الحكومية


وطوّقت تجمّعات من أنصار الصدر البرلمان، بعد أن ثار جدل بشأن قانونية الجلسة والنصاب إثر الانسحابات، إذ أعلن المشهداني أنه ما زال هو رئيس السنّ، ورفَع الجلسة، مؤكداً أنه لا يمكن استئنافها إلّا بإذنه، موضحاً «أنني تعرّضت لاعتداء وضغط نفسي من بعض النواب، فغادرْت قاعة مجلس النواب بعد أن أعلنْت طلب المداولة لسؤال المستشار القانوني عن الطعن المُقدَّم على ترشيح السيد الحلبوسي، وذهبت إلى المستشفى القريب من قاعة المجلس لإجراء فحوصات بعد شعوري بالجهد والتعب نتيجة الاعتداء». وعلى رغم كلّ هذا الجدل، أعلنت الدائرة الإعلامية في مجلس النواب انتخاب الحلبوسي رئيساً للمجلس بـ130 صوتاً مقابل 10 أصوات للمشهداني، وبطلان 10 أصوات، أي أن مجموع عدد النواب المصوّتين أقلّ من نصف أعضاء المجلس.
وسادت مخاوف لدى النواب السُنة والكرد بعد ضرب المشهداني، ونُقل عن مصادر في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» أسفها لما حصل للرجل، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن الأكراد الذين كانوا قد اتفقوا على الدخول في المفاوضات الحكومية موحّدين، سينتظرون التوافق الشيعي قبل المشاركة في هذه المفاوضات. وقبيل افتتاح الجلسة، أبلغ عضو «تكتل سائرون» الذي يمثل «التيار الصدري»، علي سعدون اللامي، «الأخبار»، بأن «تشكيل الحكومة الجديدة سوف يستغرق من شهرين إلى ثلاثة أشهر، وذلك لعدم توافق البيت الشيعي، خصوصاً أن الإطار التنسيقي يريد أن يكون طرفاً في اختيار رئيس الحكومة المقبلة فيما التيار متمسّك بتشكيل حكومة أغلبية». وحول ما إذا كان قد تمّ التداول بأسماء مرشحين لرئاسة الوزراء، أوضح اللامي أنه «تمّ تداول أسماء، لكن لا أعتقد أن هذه الأسماء سيتمّ ترشيحها، وسوف تظهر في الساعات الأخيرة شخصية غير مطروحة. هذا ما تعوّدنا عليه. ويمكن أن تكون هذه الأسماء طُرحت من أجل أن تُحرق». وقال اللامي إن الأمور أصبحت واضحة، بخاصة إذا فاز الحلبوسي برئاسة المجلس، «فهذا يعني اتفاق الكتلة الصدرية وعزم وتقدم والكرد، بالتالي تصبح الكتلة الأكثر عدداً واضحة».
لكن اليوم العراقي الحافل بالأحداث، يؤكد أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة لن تتمّ من دون اتفاق بين «الصدري» و»الإطار»، اللذين عقدت قيادتاهما اجتماعَين جرى خلالهما الاتفاق على عناوين سياسية للمرحلة المقبلة، هي أقرب إلى تبديد المخاوف منها إلى وضع آلية واضحة للحكم، ولذلك لم يتمّ الاتفاق حتى الآن بين الجانبين على اسم رئيس الوزراء.