بات وليّ العهد السعودي يمثّل عقبة في طريق العلاقات الأميركية - السعودية
يُضاف إلى ذلك، ما يقول الجبري إنها محاولة دبّرها ابن سلمان لاغتياله في كندا، عبر إرسال «فرقة النمر» لتنفيذ المهمّة، بعد أقلّ من أسبوعين على اغتيال الصحافي جمال خاشقجي على أيدي عناصر في الفرقة ذاتها في القنصلية السعودية في إسطنبول، بعد استدراجه من الولايات المتحدة، في حادثة دفعت إدارة جو بايدن - لحسابات سياسية - إلى وضْع أكثر من 70 سعودياً من المقرّبين إلى ابن سلمان على القائمة السوداء، واتّخاذ الرئيس الأميركي قراراً بعدم عقد أيّ لقاء أو اتصال مع وليّ العهد السعودي. وقبل أسبوع من حكم ماساتشوستس، فاز الجبري بقرار قضائي يأمر شركة الطيران الكندية وشركة «لوفتهازا» الألمانية، بعدم تدمير سجلّات المسافرين في الفترة التي يَشتبه المُعارِض السعودي بأن ابن سلمان حاول اغتياله فيها. وإذ رفض وزير السلامة العامّة الكندي، بيل بلير، التعليق على ادّعاءات محدَّدة في دعوى الجبري، فإنه قال إن الحكومة الكندية كانت على علم بحوادث سعى خلالها أشخاص أجانب لمراقبة كنديين أو أشخاص مقيمين في كندا، أو ترهيبهم أو تهديدهم.
ويروّج ابن سلمان لمَحكيّة تقول إن إدارة بايدن تقف في ظَهر سعد الجبري، لكنّ الأصحّ هو أن أميركا كدولة تحمي المُعارِض السعودي لصيانة أسراره، وربّما لمآرب أخرى، لأن استخدام امتياز طلب حجب الوثائق في المحكمة يجب أن يأتي من جهة مخوّلة قانونياً بهكذا طلب، وهي في مثل هذه الحالة المخابرات الأميركية. هذا فضلاً عن أن القاضي الذي أصدر القرار، ناثانيال جورتون، جمهوري وليس ديموقراطياً، كما حاول أن يروّج «الذباب الإلكتروني» الذي يقوده سعود القحطاني، ضمن رواية تفيد بأن ولي العهد «مستهدَف من قِبَل الديموقراطيين المتحالفين مع الإخوان المسلمين». وإذ شنّ «الذباب» حملة تخوين ضدّ الجبري عكست المأزق الذي وضع ابن سلمان نفسه فيه، فإن أحد أبناء المُعارِض السعودي، خالد، عبّر عن رضى والده على المكاسب المُتحقَّقة، حين قال إن غباء ابن سلمان أصبح أحد أسلحة العائلة.
لا يعني ذلك أن الولايات المتحدة ستعمل على الإطاحة بابن سلمان، لكنّه يعني أن وليّ العهد السعودي، من خلال سلوكه منذ تولّيه الحُكم الفعلي للمملكة في عام 2017، بات يمثّل عقبة في طريق العلاقات الأميركية - السعودية. وإذا كانت الخلافات بين حكّام آل سعود والإدارات الأميركية ليست جديدة على تلك العلاقات، فإن هذه الحالة هي الأشدّ منذ قيامها، وهي الأولى التي تدور حول شخص الحاكم، وبالتالي فإن تشجيع انقلاب عليه، إذا توافرت ظروف مؤاتية، يبقى احتمالاً لا يمكن حذفه. في المقابل، ستظلّ الولايات المتحدة تدعم النظام السعودي، وقرارات بايدن بالذات أقامت فصْلاً بين التعامل مع السعودية والتعامل مع ابن سلمان. كما سيظلّ بيع السلاح قائماً حتى للاستخدام في العدوان على اليمن، إن لم يكن الشراكة الأميركية الكاملة في هذا العدوان.