صنعاء | تمكّن الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، أمس، بعد معارك عنيفة استمرّت عدّة أيام، من إسقاط نقطة الفلج الواقعة عند البوّابة الجنوبية لمدينة مأرب. وإذ تُعدّ استعادة هذه النقطة مفصلاً رئيساً في عملية تحرير المدينة، فهي تُنهي أيضاً فصول التنكيل الذي تعرّض له الآلاف من اليمنيين هناك. فعلى مدار السنوات الستّ الماضية من سيطرة حزب «الإصلاح» على المدينة، تحوّلت الفلج إلى بؤرة من بؤر ترهيب المواطنين وإذلالهم، حيث اعتُقل المئات من المارّة عبرها، وتعرّضوا للتعذيب تحت ذرائع مختلفة، فيما لا يزال العشرات من الضحايا مُخْفَيْنَ قسراً حتى اليوم. ومنذ التاسع من آب 2016، تاريخ إغلاق مطار صنعاء من قِبَل التحالف السعودي - الإماراتي، شدّدت ميليشيات «الإصلاح» إجراءاتها في الفلج، وحوّلتها إلى نقطة تفتيش مركزية مرتبطة بشكل مباشر بالجهاز الأمني الخاص بالحزب، لتمارس فيها أبشع الانتهاكات ضدّ المارّة والمسافرين عبر مطار سيئون في وادي حضرموت، أثناء مرورهم برّاً بمأرب. وفي العام المذكور، اعتُقل الطالب الجامعي، أمير الدين عبد الملك جحاف، أثناء مروره في الفلج قاصداً الوصول إلى مصر لإكمال دراسة الطبّ، وذلك بسبب كنُيته فقط. وعلى النهج نفسه، تصاعدت أعمال الاعتقال خلال عام 2017، وطاولت عشرات المواطنين، وصولاً إلى الـ27 من نيسان من العام نفسه، حيث تمّ اعتقال الدكتور مصطفى المتوكل، وهو أكاديمي في جامعة صنعاء، أثناء عودته من المغرب. المتوكّل الذي يتجاوز عمره الـ80 عاماً، لم يكن يمارس أيّ أنشطة سياسية مناهضة للحرب، بقدر اهتمامه بالاستثمار وإدارة الموارد في اليمن، لكنّ «الإصلاح» أعلن عقب اعتقاله أنه ألقى القبض على قيادي كبير من حركة «أنصار الله». وعلى رغم الإدانات المحلّية الواسعة التي أعقبت الجريمة، عمد «الإصلاح» إلى «إهداء» السعودية المعتقل المسنّ بعد أن حصل على مكافأة مالية، ليتمّ نقل المتوكل على متن طائرة مروحية من معسكر تداوين، الذي شكّل واحدة من قواعد «التحالف» في مأرب، إلى السجون السعودية، حيث لا يزال مُخفًى حتى اليوم. وبالطريقة عينها، اتّخذت ميليشيات «الإصلاح» من الفلج وسيلة لاعتقال رجال المال والأعمال بعد التأكّد من هويّاتهم، بتُهم ممارسة نشاطات في صنعاء، قبل أن يتمّ الإفراج عنهم إثر دفْعهم فدًى مالية باهظة.
منذ إغلاق مطار صنعاء، حوّلت ميليشيات «الإصلاح»، «الفلج»، إلى نقطة تفتيش مركزية


وفي عام 2017 أيضاً، تعرّض العشرات من المواطنين للاعتقال من قِبَل ميليشيات «الإصلاح»، قبل أن يتمّ الإفراج عن أعداد كبيرة منهم عبر صفقات تبادل محلية. وفي السنة التالية، تواصلت الاعتقالات على الهويّة واللقب والاشتباه في الانتماء إلى حركة «أنصار الله»، والتي طاولت طلاباً في الخارج ومرضى كانوا في طريقهم من صنعاء إلى مطار سيئون بغرض السفر للعلاج. وتصاعدت تلك الجرائم حتى وصلت إلى حدّ سفك الدماء، كما حدث لقبائل وائلة التي قَدِمت من محافظة صعدة، قاصدةً التحكيم في قضية قبلية لدى قبائل عبيدة، لتتعرّض لمجزرة كبرى في آب 2018، قُتل فيها 21 قبلياً على يد ميليشيات «الإصلاح» أثناء محاولتهم العبور من النقطة. وعقب الجريمة التي أثارت سخط قبائل مأرب التي اعتبرت قتْل ضيوفها «عيباً أسود» وفق العادات القبلية، برّر الحزب جريمته بالادّعاء بأن القتلى ينتمون إلى حركة «أنصار الله».

15 سجناً في مأرب
حتى عام 2015، لم يكن في مدينة مأرب سوى سجنين فقط. وبعد سيطرة «الإصلاح» على المحافظة، ارتفع عددها إلى 15 سجناً تُدار من قِبَل الجهاز الأمني لـ«الإخوان»، وفقاً لمصادر حقوقية في المحافظة، تفيد بأن قرابة 25 معتقلاً توفّوا نتيجة التعذيب والمرض داخل الزنازين. وتوضح المصادر أن سجن معهد الصالح، وسجن بن غريب، وسجن الأمن السياسي، تُعدّ أكثر المعتقلات التي تشهد تعذيباً للأسرى، فيما أنشأت سلطات «الإصلاح» سجناً خاصاً بالنساء العام الماضي، بعد اعتقال عدد منهنّ أثناء مرورهن من الطريق الدولي الذي يمرّ عبر مدخل المدينة الجنوبي. وكانت منظّمة «مواطنة» لحقوق الإنسان في صنعاء أكّدت، في تقرير سابق لها، أن قيادة نقطة الفلج «اصطادت» المئات من المارّة، وألصقت تهماً غير مبرّرة بهم، وعرّضتهم للتحقيق والإذلال والتهديد بالقتل والتعذيب أحياناً، بغرض انتزاع اعترافات قسرية منهم.



مقتل قائد قوّات هادي في مأرب


اعترفت وزارة الدفاع في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، مساء أمس، رسمياً، بمقتل قائد عملياتها الحربية وقائد جبهات مأرب، اللواء ناصر الذيباني، بنيران الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» في أطراف سلسلة جبال البَلْق الشرقي. كما اعترفت الوزارة بمقتل عدد من القيادات العسكرية إلى جانب الذيباني، ومنهم العميد حسن الجار الأجدعي، والعقيد عبد السلام أحمد يعقوب، والرائد فايز علي الخبي، وآخرون. ويمثّل مقتل الذيباني ضربة كبرى لقوات هادي، ستترك تأثيراتها على معنويّات مقاتليها، خصوصاً في ظلّ تضييع هؤلاء المزيد من المكاسب العسكرية في مديريتَي الوادي والمدينة، أمام ضربات الجيش و«اللجان». ويحتلّ الذيباني المركز الثالث في سلّم القيادات العسكرية التابعة لحكومة هادي، بعد رئيس الأركان العامة ووزير الدفاع، كما يُعدّ القائد الميداني الأوّل والأهمّ في معارك مأرب.
(الأخبار)