غزة | احتفلت دولة الاحتلال، أخيراً، باكتمال بناء الجدار المتعدّد الطبقات على حدود قطاع غزة، بعد ثلاث سنوات من البدء به، بتكلفة فاقت مليار دولار أميركي. إلّا أن ما سينغّص عليها فرحتها اكتشافها أن المقاومة الفلسطينية استطاعت إيجاد حلول عملية تُمكّنها من اختراق هذا الحاجز، الذي صُنع خصّيصاً لمواجهة خطر الأنفاق. وضمن احتفالية حضرها وزير الجيش، بيني غانتس، ورئيس هيئة الأركان، أفيف كوخافي، ومسؤولون في هيئة الأركان، أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، أوّل من أمس، استكمال العائق البري - البحري على الحدود مع القطاع، وإدخاله إلى الخدمة. وأشارت إلى أن الحاجز يتضمّن خمسة عناصر يكمّل بعضُها بعضاً، وهي: حاجز تحت الأرض بأجهزة استشعار، سياج (ذكي) يزيد ارتفاعه عن ستّة أمتار، حاجز بحري يشمل وسائل لكشف التسلّل في البحر، ونظام سلاح يتمّ التحكّم فيه عن بعد، ومجموعة من الرادارات والكاميرات، وغرف القيادة والتحكّم. وفوق الأرض، يتكوّن الجدار من بناءٍ إسمنتي بارتفاع ستّة أمتار، وبطول 65 كيلومتراً. وقد استمرّ البناء فيه حوالى ثلاث سنوات ونصف سنة، بمشاركة أكثر من 1200 عامل، وباستخدام حوالى 220 ألف شاحنة خرسانة، و140 ألف طنّ من الحديد والصلب. وادّعى غانتس أن الجدار «يحرم حماس من إحدى القدرات التي حاولت تطويرها، ويضع حاجزاً حديدياً وأجهزة استشعار وخرسانة بين المنظّمة وسكّان الجنوب»، مضيفاً أنه «من أجل تغيير الواقع في غزة، مطالبنا بسيطة وواضحة: وقْف التعزيز العسكري لحماس، والهدوء الطويل الأمد، وعودة أبنائنا الجنود الأسرى والمفقودين». من جهته، تفاخر رئيس قسم الحدود في جيش الاحتلال، اللواء عيران أوفير، بأن جدار غزة «كان من المشاريع الكبرى والمعقّدة التي نفّذناها»، والتي «ليس لها مثيل في العالم»، لافتاً إلى أنه «أثناء عملية بناء السياج، خُضْنا 15 جولة قتال واستمرّ العمل رغم إطلاق النار».
لم تستخدم المقاومة خلال المعركة الأخيرة سوى جزء يسير من قدراتها العسكرية

في المقابل، لم تعلن فصائل المقاومة الفلسطينية، حتى الآن، عن قدرتها على اختراق هذا الجدار، الذي لم يتمّ اختباره منذ حرب عام 2014، إلّا أن مصادر فيها كشفت، لـ«الأخبار»، أن «مهندسي المقاومة تمكّنوا من إيجاد حلول عملية، من شأنها جعل السياج غير ذي جدوى خلال المعارك العسكرية». والجدير ذكره، هنا، أن المقاومة لم تستخدم سلاح الأنفاق لتجاوز الحدود، في معركة «سيف القدس» في أيار الماضي؛ كون الاحتلال لم يبادر إلى مواجهة برّية معها، بالإضافة إلى إخلاء إسرائيل مسافة تزيد عن خمسة كيلومترات من الحدود مع غزة، من قوّاتها العسكرية ومستوطنيها. كما لم تَستخدم المقاومة، خلال المعركة الأخيرة، سوى جزء يسير من قدراتها، إذ ركّزت جهودها على سلاح الصواريخ، وتوعّدت العدو بمفاجآت تتعلّق بالعائق الذي يتفاخر بأنّه يوفر حماية كاملة له. ومع أن جزءاً كبيراً من الحاجز يمتدّ إلى باطن الأرض بما بين 30 و40 متراً، إلّا أن الحفر أسفل هذا العمق ليس أمراً صعباً على المقاومة، ما يعني أن جهود الاحتلال لمواجهة أنفاقها «دخلت في دوّامة الفشل من جديد»، بحسب ما تؤكد المصادر. وإذ زرع العدو أسفل الجدار مجسّات تحت أرضية، تهدف إلى سماع أصوات الحفر، الأمر الذي مثّل ابتداءً تحدّياً للمقاومة، إلّا أن مهندسيها استطاعوا، مع الوقت، ابتكار معالجات لذلك. ولذا، تجزم المصادر أنه «في الوقت المناسب، ستكتشف دولة الاحتلال أن جيشها كان يمارس عليها أكبر خديعة».