في موازاة المباحثات لاجراء «جنيف 3» في موعده تتعاظم الضغوط على الأطراف المتحاربة في سوريا على كل الصعد السياسية والعسكرية والإنسانية. مجلس الأمن الدولي ناقش الوضع الإنساني في سوريا للمرة الثالثة هذا الشهر. ولوحظت النبرة العالية في الكلمات التي ألقيت، وتوجيه الإتهامات في كل إتجاه عن المسؤولية عن الوضع الإنساني المتردي في البلاد.
في هذا الخصوص وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفان أوبرايان، الصراع في سوريا بأنه الأعنف والأشد فتكاً وتدميراً في هذا القرن. وألقى اللوم على المتحاربين من الجهتين على حد سواء، واتهمهم بالإستهتار بأرواح المدنيين وتعريضهم للجوع والمرض والموت في تجاهل تام لقوانين الحرب والقوانين الإنسانية الدولية. وتمنى أن تسفر مشاورات جنيف عن حل سريع يضع حداً للنزاع في سوريا بأسرع ما يمكن.
ألقى أوبرايان في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسة تتعلق بتطبيق القرار ٢١٣٩ الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، اللوم على الحكومة السورية بمحاصرة ٢٧٤ ألف نسمة و«داعش» ٢٠٠ ألف، و«جبهة النصرة» وبقية الفصائل تحاصر ١٢،٥٠٠ نسمة.
ورغم التحدث عن تقدم في إخراج المرضى من بلدة مضايا وكفريا والفوعة، قال إن الكثيرين بقوا هناك ويحتاجون للمساعدة والوصول إليهم بدون عرقلة. واتهم الحكومة السورية بعرقلة معظم القوافل وعدم الرد على ٧٥ في المئة من طلبات إدخال القوافل.
تحدث عن إدخال معونات لمضايا وكفريا والفوعة بمساعدة الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر الدولي تكفي ٦٠ ألفاً لمدة شهر. وقال «كان عدد الذين يحتاجون الى رعاية طبية عاجلة وإجلاء ١٩ شخصاً. جميعهم أجلوا. بل إن ٣٧ من أصل ٤٠٠ ممن يحتاجون الى رعاية طبية جرى إخراجهم. ونحن في حاجة إلى إدخال المزيد من المواد الطبية وفرق الإسعاف إلى مضايا بسرعة». وأكد أن الأوضاع الصحية في الأماكن المحاصرة لا تزال قاسية وحرجة وأن المفاوضات جارية لتسهيل الدخول إلى مضايا «ونحن نحتاج أيضا إلى الدخول وإلى طريق مرور آمن إلى الفوعة وكفريا بما أن الأوضاع هناك تتدهور بسرعة».
وأضاف: «بصراحة، الوضع في مضايا ما هو إلا رأس جبل جليدي. هناك الكثير الكثير من الأهالي المحاصرين في أماكن يصعب الوصول إليها. ونحن نراقب باستمرار الوضع على الأرض على إمتداد سوريا. ونقدر وجود ٤،٦ ملايين نسمة في أماكن يتعذر دخولها بسبب القيود المفروضة». وألقى اللوم على المجموعات المسلحة في عدة مناطق ولا سيما دير الزور التي قال إن فيها مجاعة.
وفي الهجوم على دير الزور الذي شنه تنظيم «داعش» تحدث عن وقوع عدد كبير من القتلى وتفشي سوء تغذية شديد في المدينة فضلاً عن إرتفاع حاد في أسعار المواد الشحيحة المتوافرة.
ونبّه إلى أن الأجيال السورية في خطر، قائلاً إن مليوني طفل سوري من دون مدارس.
وطلب أوبرايان زيادة التبرعات في مؤتمر لندن الذي يعقد الشهر المقبل لسد العجز في إغاثة السوريين. وناشد الجميع وقف إستهداف المدنيين ومؤسساتهم، وتسهيل إدخال المساعدات للجميع بما في ذلك الأدوية والأطباء، وثالثاً فتح الطرق أمام المدنيين لدخول المناطق المحاصرة والخروج منها بحرية وكرامة وتسهيل إخراج الذين يحتاجون للرعاية الصحية.
وختم أوبرايان برفع المسؤولية عن عاتق الوكالات الدولية في المجاعات والتقصير الحاصل. وقال إن إستمرار معاناة المدنيين لا يمكن لوم الوكالات عليه، «والحل لا يكون بالمساعدات، بل بالتوافق السياسي وإيقاف الصراع على أساس أن أرواح الناس تتقدم على السياسة».
بدورها حذرت المديرة التنفيذية في برنامج الغذاء العالمي، أرثارين كوزين، من أن مجاعات كثيرة تحدث في سوريا بعيدة عن الأنظار بسبب عدم السماح بدخول تلك المناطق. وطالبت مجلس الأمن الدولي ببذل المزيد لرفع الحصارات من كل جانب. وقالت، «أنا أتحدث إليكم الآن نحن نقدر وجود ١٨ منطقة ونحو نصف مليون نسمة مقطوعين من الطعام والمواد المعيشية الأساسية. الكثير من تلك المناطق ينفد منها الطعام أو ربما نفد كليا. إننا ببساطة لا نعرف. وإنها مسألة وقت قبل أن تعود تلك الصور الفظيعة التي شاهدناها اخيرا لتعرض على الشاشات».