غزة | يتعرّض الصحافيون الفلسطينيّون في الضفة الغربية المحتلّة وقطاع غزة لعمليات ابتزاز من قِبَل مخابرات الاحتلال، تستهدف التضييق عليهم وتجنيدهم للعمل لصالحها مقابل تسهيلات في السفر والحركة والعمل، على رغم أن عدداً منهم يعملون في مؤسّسات صحافية دولية. وبحسب شهادات بعض هؤلاء، فإن المخابرات الإسرائيلية وضعت عدداً من الصحافيّين على قوائم حظر السفر، على خلفية آرائهم المناصِرة للقضية الفلسطينية، فيما عَرضت على بعضهم التعاون معها مقابل إزالة منع السفر وإصدار تصاريح لهم. وكان تقرير صادر أخيراً عن «المرصد الأورومتوسّطي» (مقرّه جنيف)، بعنوان «معاقبة الصحافيّين... قيود إسرائيل على حرية التنقّل والحركة»، أحصى حالات قام فيها جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بمساومة صحافيّين من الضفة على حقّهم في التنقّل، مقابل تقديم معلومات أمنية عن الفلسطينيين أو العمل لصالح تل أبيب. وفي حالات أخرى، طلب الضباط الإسرائيليون من الصحافيين التوقّف عن العمل لصالح جهات إعلامية وصحافية معيّنة، تحت طائلة تعرّضهم للاعتداءات الجسدية والنفسية، من خلال الضرب والاحتجاز وعمليات الاقتحام المنزلية والتهديد بالملاحقة المتواصلة.وفي الإطار نفسه، حصلت «الأخبار» على شهادات صحافيين فلسطينيين من قطاع غزة، يعملون في مؤسسات دولية، رفضت سلطات الاحتلال منحهم تصاريح للمرور من القطاع إلى القدس والضفة، من دون إبداء الأسباب، فيما طلبت من آخرين التعاون مع مخابراتها. ويفيد صحافي رفَض ذكر اسمه خشية استمرار منعه من السفر، بأن مخابرات العدو رفضت سفره عدّة مرات من غزة إلى القدس حيث المقرّ الرئيس لعمله، لأسباب وصفتها بالأمنية. وبعد تقديمه عدّة طلبات، استُدعي إلى معبر بيت حانون (إيرز) شمال القطاع لإجراء مقابلة مع المخابرات الإسرائيلية، عُرض عليه فيها العمل لصالح الأخيرة مقابل السماح له بالتنقّل. وبعد أيّام من المقابلة، عاودت سلطات الاحتلال الردّ على طلبه بالرفض. وفي مثل هكذا حالات، يتوجّه الصحافيون الفلسطينيون إلى مؤسّسات حقوقية إسرائيلية ودولية، طالبين إليها الضغط على الاحتلال لعدم عرقلة تحرّكاتهم عبر المعابر، إلّا أن الردود الإسرائيلية دائماً ما تأتي بالرفض بذريعة الجانب الأمني، وهو ما يدفع بالبعض للجوء إلى المحاكم، من دون جدوى تُذكر أيضاً.
طلب الضباط الإسرائيليون من بعض الصحافيين التوقّف عن العمل لصالح جهات معيّنة


من جهته، يقول الصحافي ثائر الفاخوري من الخليل، إن منعه من السفر يأتي انتقاماً من عائلته التي نفّذ أحد أبنائها عملية فدائية ضدّ العدو عام 2003، مضيفاً أن السلطات الإسرائيلية تشترط عليه التعاون الأمني مع «الشاباك» للسماح له بالسفر، فيما رفضت أخيراً طلباً آتياً من مؤسسة «هيموكيد» الحقوقية الإسرائيلية لإزالة المنع عنه، وردّت عليه بأن «الفاخوري يمثّل خطراً على أمن المنطقة». أمّا الصحافي راضي كرامة، من الخليل أيضاً، فيكشف في شهادته أن «مُحقّقاً إسرائيلياً عرّف عن نفسه بأنه هو الذي أصدر قرار منعي من السفر، قدّم لي مقترحات عدّة تتمحور جميعها حول العمل مع مخابرات الاحتلال مقابل إزالة المنع، وعرض عليّ راتباً شهرياً يُقدَّر بـ3 آلاف دولار مقابل العمل معه، لكنّني رفضت ذلك بشكل قاطع... وتفاجأت بعدها باقتحام قوّة كبيرة من جيش الاحتلال منزلي، حيث تمّ اعتقالي واقتيادي إلى مستوطنة كريات أربع في الخليل، في ليلة كانت الأسوأ في حياتي، وأوصل لي الضابط رسالة مفادها أن إزالة المنع من السفر مرتبطة بالعمل معه». وبحسب شهادات الصحافيين الفلسطينيين، فإن الغالبية العظمى منهم علمت بقرار المنع بخمس طرق رئيسة: عند تقديم طلبات تصاريح بالسفر والتنقّل، أو عند التوجّه إلى المعابر، أو عند التوجّه إلى الإدارة المدنية، أو عند العودة من الخارج، أو خلال مقابلة جهاز الأمن العام الإسرائيلي.