القاهرة | «عقارب الساعة ترجع إلى الوراء». هكذا فسّر النشطاء تسريب تفاصيل برنامج «رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي» الذي كشف عنه النقاب أمس ويهدف إلى استقطاب وزارة الداخلية إحدى الشركات العاملة في مجال الاتصالات لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك»، «تويتر» وغيرهما.
«إحنا متراقبين»، هكذا ردّ النشطاء السياسيون والشباب الساخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي على التسريبات الصادرة عن وزارة الداخلية التي تؤكد اعتزامها مراقبة التدوينات والأشخاص الأكثر تأثيراً، بالإضافة إلى رصد تحركاتهم ونطاق علاقاتهم من خلال البرامج المتطورة التي تبحث الوزارة عن آلية لاستخدامها على أجهزتها وتزويدها بالأحدث دائماً.
وطلبت الوزارة في مناقصتها استخدام برامج تتيح لها معرفة مصادر «الهاشتاغ» ومطلقه، بالإضافة إلى النطاق الزمني المستخدم فيه، فضلاً عن ملاحقة أصحاب العبارات المسيئة والخارجة عن نطاق العرف المجتمعي من خلال معرفة هوية أصحابها والأماكن التي يقومون فيها باستخدام مواقع التواصل. النظام المقترح من قبل الوزارة أعاد إلى الأذهان الأسلوب الذي اتبعه وزير الداخلية إبان ثورة «25 يناير»، حبيب العادلي، حيث كانت الوزارة تنفذ استراتيجة مراقبة واستهداف للنشطاء المناهضين للنظام، وتُلقي القبض عليهم، على غرار ما حدث مع الناشط وائل غنيم المسؤول عن صفحة «كلنا خالد سعيد» الداعية إلى الثورة على نظام مبارك من خلال تعقب الصفحة.
ويرى محللون أن لجوء وزارة الداخلية لمتابعة الأنشطة ورصدها عبر مواقع التواصل خطوة تمهد لملاحقة المسيئين إلى النظام بألفاظ إباحية عبر الإنترنت، على غرار ما حدث مع المشير عبد الفتاح السيسي عند إعلان ترشحه عبر إطلاق هاشتاغ مسيء تصدر مواقع التواصل لأكثر من أسبوع. لكن مساعد وزير الداخلية للإعلام، اللواء عبد الفتاح عثمان، حاول تهدئة مخاوف الشباب الذين أطلقوا تغريدات مناهضة للوزارة عبر مواقع التواصل، متوعدين المراقبين وساخرين منهم وموجهين نقداً لاذعاً لللأفكار التقليدية التي تحاول الوزارة فرضها. وشدد عثمان على أن المشروع يهدف إلى مكافحة الجريمة المستهدفة وملاحقة أصحاب الفكر الإرهابي الذين يستخدمون الإنترنت في الحصول على المواد المستخدمة في صناعة القنابل البدائية، مؤكداً التزام الوزارة بحق المواطنين في الحرية وعدم انتهاك خصوصيتهم.
عثمان حاول الهرب من ضرورة استعمال نظام المراقبة في هذا الوقت بالتأكيد أن النظام يستعمل في العديد من الدول الكبرى من أجل حفظ الأمن كما يحدث في الولايات المتحدة وعدد كبير من الدول الأوروبية، مؤكداً أن هذا التطوير أمر مهم للوزارة لكي تستطيع مواكبة تطورات الجريمة المنظمة التي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة. برنامج المراقبة الذي تسعى وزارة الداخلية لتطبيقه تبرأت منه وزارة الاتصالات، مؤكدة أنها لم تفرض أي نوع من الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي التزاماً بالدستور والقانون الذي لا يجيز هذه الخطوة إلا بموافقة مسبقة من القضاء. بدوره، رأى الناشط السياسي زيزو عبده، أن هذه الخطوة تعبّر عن الفكر الجامد في وزارة الداخلية والإصرار على العودة إلى الدولة البوليسية القمعية التي تهتم بالمراقبة ورصد التحركات على حساب تحقيق الأمن الحقيقي في الشارع والتصدي للأعمال الجنائية.
وأضاف عبده لـ«الأخبار» أن وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، مطالب بالاستقالة لإصراره على استخدام أساليب الأنظمة التي ثار عليها الشعب، مشيراً إلى أن تطبيق مثل هذا البرنامج سيزيد الفجوة بين الشرطة والشعب، ويزيد الشباب من إصرارهم على انتقاد الوزارة والمطالبة بتطهيرها.