غزة | كان من الصعب على السياسة الفلسطينية أن تجمع بين نقيضين: الأول ترك العمل المسلح منذ سنوات، والاتجاه إلى الحلول السياسية، والثاني تصعيد خيار المواجهة العسكرية ضد الاحتلال. هذا بالتحديد وجه الخلاف البارز بين حركتي «فتح» و«حماس»، وإن كانت الأولى قد نفذت عمليات عسكرية في الانتفاضة الثانية باسم كتائب شهداء الأقصى، مع ميل الثانية إلى الهدنة على مدار السنوات الأخيرة، في ما عزاه خصومها إلى قبولها دولة على حدود عام 1967.
أما الخلاصة التي توصل إليها رئيس السلطة محمود عباس، فكانت أن هذه المرحلة يكفيها النضال الشعبي مع العمل السياسي، رغم تعرقل المفاوضات أكثر من مرة. في المقابل، «حماس» التي تترك اليوم حمل إدارة غزة بعد سيطرتها على القطاع بالقوة، تقول إنها تراهن على المقاومة المسلحة سبيلاً وحيداً للدفاع عن الفلسطينيين.
وبعيداً عمّا كان يطرحه المراقبون عن إمكانية استفادة حماس وجناحها المسلح (كتائب القسام) من تجربة حزب الله في المشاركة في الحكم عن بعد والعودة إلى مربع المقاومة بقوة، تؤكد مصادر لـ«الأخبار» أن الأمر دخل حيّز التطبيق، مع إعلان الحكومة وما تقول الحركة إنها قد تنازلت عنه في سبيل تشكيلها، ولا سيما على مستوى الحقائب الوزارية وأسماء شاغريها. يترافق هذا التأكيد مع عودة العلاقات بين «حماس» وطهران إلى مجراها، رغم أنها لم تنقطع على المستوى العسكري.
وتراهن «حماس» في اختيارها هذا المشهد على قوة جهازها العسكري الذي استطاع عام 2007 مواجهة أجهزة السلطة الأمنية والانقلاب عليها، فضلاً عن أن ثقلها الأمني ومراكز وجودها قد تعمقت منذ ذلك الوقت. كذلك لا تزال المواجهة ضد إسرائيل ورصيد حربين ماضيتين تولد أسباباً منطقية وشعبية لحضورها.
رغم ذلك، يطرح التشابك الذي جرى بين أجهزة حكومة «حماس» وذراعها العسكرية خلال مرحلة سيطرتها على غزة أسئلة كثيرة على «القسّام» أن يجيب عنها، وخاصة أن طبيعة المرحلة المقبلة غير واضحة إلى جانب ما يشاع في الشارع عن إمكانية تجميد المقاومة المسلحة لمدة طويلة أو حتى إنهائها. هنا نفى المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة كل السيناريوات التي طرحت، ومنها دمج عناصرهم في تشكيلة جديدة للأجهزة الأمنية. وقال لـ«الأخبار»: «القسّام لم تكن جهازاً أمنياً أو قوة تنفيذية في أي حكومة، بل هي مؤسسة عسكرية ذات أهداف وطنية عليا تتجاوز الحكومات والأجهزة الأمنية الداخلية»، مستدركاً: «هذا التصور لا ينفي حرصنا على قوة أجهزة الأمن وعقيدتها، فهي جزء من الجبهة الداخلية، ومن الضروري تمتينها حتى تكون حاضنة للمقاومة. مع ذلك، إن قضية دمج الكتائب في الأجهزة غير واردة وغير مطروحة أصلاً للنقاش».


«فتح» تتحدث
عن مرجعية سياسية لاتخاذ قرار الردّ على
أي اعتداء
ويؤكد أبو عبيدة أن أحداً لم يخيّر عناصر «القسام» بين الحكومة والحركة، لكن مصادر كثيرة تشير إلى وجود ازدواجية في العمل بين الاثنتين لدى عدد كبير من الأشخاص، وهذا ما يعقب عليه بالقول: «هناك عناصر من المقاومة يخدمون بالإضافة إلى عملهم الجهادي في الأجهزة الأمنية والشرطية».
على طرف آخر، يرى عضو المجلس الثوري في «فتح»، فيصل أبو شهلا، أن وثيقة الوفاق الوطني تنص على ضرورة العمل على تشكيل جبهة مقاومة موحدة باسم «جبهة المقاومة الفلسطينية» لقيادة النضال ضد الاحتلال «وتنسيق العمل وتشكيل مرجعية سياسية موحدة للمقاومة». وقال أبو شهلا لـ«الأخبار»: «لا بد أن يكون هناك توافق على طبيعة المقاومة التي ستتبع وفقاً للمتغيرات على الأرض، وموقعها من القرار السياسي بما يخدم المصلحة الشعبية وتجنيب المدنيين ويلات الحروب».
ويردّ أبو عبيدة على ذلك متسائلاً: «الاحتلال بمنزلة العدو، وسيبقى كذلك، فما الحاجة للقرار السياسي حتى نرد على حرب تشنها إسرائيل؟... هل يمكن انتظار قرار للدفاع عن النفس في حين أنه حق طبيعي إضافة إلى أنه منصوص عليه في اتفاقات المصالحة؟»، مستبعداً في الوقت نفسه أن تحدث وحدة بين الفصائل في إطار واحد، «بل من السابق لأوانه الحديث في هذه النقطة التي لم تطرح على أجندتنا مع تأكيدنا والتنسيق الكامل والتواصل بيننا وبين فصائل العمل المقاوم».
وبالمقارنة بين ما توافر للمقاومة في غزة في مقابل التضييق عليها في الضفة، تبدي الفصائل رفضها خسران الامتيازات التي حصلت عليها بشق الأنفس كما تقول. ويضيف المتحدث باسم القسام: «قرارنا أن يبقى سلاح المقاومة منفصلاً عن الحكومات المتعاقبة، كذلك سيظل موجهاً إلى العدو ومدافعاً عن الشعب والأرض، فعلى أي حكومة أن تنسجم مع المقاومة». وواصل حديثه بالإشارة إلى أنهم لن يسقطوا الضفة المحتلة من حساباتهم، «فهي ذات بعد استراتيجي أكثر تأثيراً في المحتل، وغياب التعاون المباشر بيننا وبين مقاومي الضفة حالة مؤقتة فرضتها الجغرافيا والظروف الأمنية».
مع حجم الطمأنة الذي يقدمه أبو عبيدة، فإن التفاصيل في الميدان كثيرة التشابك، وقد تكون سبباً في تعطيل المصالحة لاحقاً، والدليل على ذلك أن اقتراح إلغاء وزارة الأسرى والمحررين الذين يمثلون جزءاً من النضال الفلسطيني كادت أن تصيب الحكومة الجديدة في مقتل، وهو السيناريو نفسه الذي قد يتكرر بقوة إن جرى الحديث عن سلاح المقاومة.
ما يزيد تعقيد المشهد أن قضية سلاح المقاومة ليست مرهونة بقرار تتخذه «حماس» وحدها، فهناك على الساحة تنظيمات أخرى تمتلك من القدرة ما يجعلها تقرر إكمال المقاومة ولا تخضع لأي تهدئة لاحقة تعقد دون موافقتها عليها، وفي مقدمة هذه الفصائل حركة الجهاد الإسلامي التي تطورت قدراتها الصاروخية بصورة ملحوظة كما ظهر في عملية «كسر الصمت» التي خاضتها (آذار الماضي) منفردة. كذلك يبقى للتشكيلات المسلحة الصغيرة، أكانت قديمة أم حديثة العهد تأثير آخر، وهذا يشبه «كبح الفرامل» بحق أي قرار تتوافق عليه «فتح» و«حماس» ويخص وسائل المقاومة أو النضال ضد الاحتلال.




دحلان «يردح» لعباس

ردّ القيادي الفتحاوي المفصول على قرار زعيم حركته محمود عباس فصل خمسة كوادر بارزين من «فتح» في غزة بالقول: «حركتنا لن تكون مزرعة لمحمود وياسر وطارق عباس، بل ستبقى مدرسة للنضال والبطولات». وأضاف عبر «فيسبوك»: «مهما حاول عباس، فإن فتح ستنهض بقوة لتنظيف سمعتها وتاريخها من هذا الانحراف الوطني والأخلاقي لعباس وأبنائه وزمرته، الذي يظن أنه سيحول الحركة إلى إقطاعية عباسية بعدما حول مقاطعة ياسر عرفات إلى وكر للمستوطنين ومأوى للعشاق... أقول له: أعلى ما بخيلك اركبوا».

الأسرى «يصلبون» للشمس

أفاد أسرى فلسطينيون مضربون عن الطعام داخل سجن «إيشل»، أمس، بأن إدارة السجن تصلبهم مقيدين تحت الشمس في أقسام الخيام في صحراء النقب لمدة خمس ساعات، وتتذرع في تصرفها بأنهم لا يقفون أثناء العد، علماً أنهم باتوا غير قادرين على الوقوف بسبب الضعف الجسدي الناجم عن الإضراب. وناشد الأسرى في رسالة موجهة إلى «مركز الأسرى للدراسات»، القوى والشعب مساندتهم، مؤكدين أن ما يجري بحقهم «جريمة»، وذكروا أن إدارة «إيشل» تعاقبهم بغرامة 400 شيكل في حال عجزهم عن القيام. على جانب آخر، يعاني الأسرى حالات إغماء متتالية في مقابل تسويف الإدارة نقلهم إلى العيادة لساعات طويلة، وهي تصادر ملابسهم وأدوات التنظيف منهم، ما أدى إلى انتشار الحشرات، ومنها «البق» التي تتغذى على دم الإنسان.

الهباش قاضي قضاة


أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، مرسوماً رئاسياً بتعيين وزير الأوقاف السابق في حكومة رام الله، محمود الهباش، في منصب قاضي قضاة فلسطين الشرعيين، ومستشار الرئيس للشؤون الدينية. والهباش شخصية أثارت الجدل داخل «فتح» وعلى مستوى تشكيل الحكومة مع «حماس»، وكان قد تعرض قبل شهور لإطلاق نار ضمن إشكالات داخلية.