لم يكن ظهور وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي الفائز بالانتخابات الرئاسية، من قبيل الصدفة. ولا كان تدرجه في سلّم المسؤولية حصيلة عمل بدأ فقط منذ تسلّمه وزارة الدفاع في عام 2012. الرجل الذي كان بالكاد معروفاً قبل تطوّره السريع في السلطة، اختير من قبل كبار ضباط الجيش قبل ثورة عام 2011 ليكون الرجل الأهم، في الوقت الذي كانت تنمو فيه الانقسامات بين الجيش وعائلة الرئيس السابق حسني مبارك.
على الأقل، هذا ما تؤكده صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية التي نقلت، في تقرير لها أمس، عن مستشارين كبار، أن عبد الفتاح السيسي وضع دراسة حول مستقبل مصر في أواخر عام 2010، عندما كان رئيساً للاستخبارات، بناءً على طلب من رؤسائه، الذين كانوا ينظرون إليه على أنه وزير دفاع مصر المقبل، منذ أن كان برتبة عقيد. وأشار السيسي، من خلال الدراسة التي أعدّها، إلى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك، سيسعى إلى تسليم قيادة البلاد لابنه جمال في وقت مبكر من أيار 2011، الأمر الذي قد يسبب اضطرابات شعبية.
وكشف كبار المستشارين للصحيفة أن تقرير السيسي أوصى بأن يكون الجيش على استعداد للتحرك لضمان الاستقرار والحفاظ على الدور المركزي الخاص به في الدولة.
وذكرت «دايلي تلغراف» أن الأحداث تسارعت مع اندلاع «ثورة الياسمين» في تونس، ما أثار احتجاجات في شوارع القاهرة، في كانون الثاني 2011».
وفي هذا السياق، أشارت إلى أنه «في غضون أسبوع، نفذ الجيش الخطة التي أوصى بها السيسي، ونشر القوات في الشوارع للتضامن مع الشعب المصري، ما جعل من الواضح قرب نهاية مبارك وأبنائه، في حين أن الجيش ليس كذلك أبداً».
كذلك، نقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، الذي اطلع على التقرير الذي أعده السيسي، قوله: «عندما انفجرت ثورة 25 يناير، كانت لدى الجيش خطط لنشر قواته بالفعل»، مضيفاً «استنتجت أن الجيش استفاد من الثورة للتخلص من خطة مبارك لخلافة نجله، وربما كان من الأفضل لديهم التضحية بمبارك، بدلاً من النظام نفسه».
وذكرت الصحيفة أن تعيين السيسي في منصب وزير الدفاع في آب 2012، بعد وقت قصير من تولي الرئيس السابق محمد مرسي رئاسة البلاد، «كان بمثابة مفاجأة»، معتبرة أن البعض رأى أن هذه الخطوة كانت في إطار سعي الرئيس الجديد للتخلّص من قدامى الجيش الذين تميّزوا بالمعارضة التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين.
كما أشار إلى أن اختيار مرسي للسيسي كان بسبب «تقواه الدينية الموثوقة».
وكشفت مصادر مقربة من وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي، لصحيفة «دايلي تلغراف»، أن «طنطاوي» كان يُلقب السيسي بأنه «ابنه»، مضيفة إن «طنطاوي لم تكن له طموحات سياسية شخصية، ولكنه كان حريصاً على اختيار خليفة له».
وفي هذا الإطار، رأى نافعة أن طنطاوي تجاوز بذلك الرجل الثاني في القيادة الجنرال سامي عنان، الذي كان مقرباً من الولايات المتحدة الأميركية، والذي كان يُنظر إليه على أنه شخص على استعداد للتعامل مع «الإخوان».
(الأخبار)