غزة | بينما تتواصل المباحثات بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال من أجل ابتكار حلول تُخلِّص رام الله من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة، طرحت حكومة نفتالي بينت إلغاء القانون الخاصّ بدفع رواتب الأسرى الفلسطينيين، وتحويل هذه الرواتب، بدلاً من ذلك، إلى بند الشؤون الاجتماعية، كشرطٍ لوقف الاقتطاعات الشهرية من أموال المقاصّة الخاصة بالسلطة. وبعد أيّام من المحادثات السريّة التي أجراها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، مع الرئيس محمود عباس، في رام الله، يُجري رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، ووزير المالية شكري بشارة، خلال المؤتمر الدولي لدعم وكالة "الأونروا"، المُنعقد في بروكسل، مباحثات مماثلة مع وزير التعاون الإسرائيلي، عيساوي فريج، بهدف إيجاد آلية تُقلّص نفقات السلطة على الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء، وتؤدّي بالتالي إلى تخفيف الأزمة المالية التي تعانيها رام الله.وعلمت "الأخبار"، من مصادر في السلطة، أن عباس أبدى، خلال لقائه رئيس "الشاباك"، مرونة حيال هذا الملفّ، إلّا أنه طلب أيضاً اقتراح حلول لمُواصلة دفع الرواتب للأسرى، كون قطعها سيؤدّي إلى "ثورة فلسطينية" ضدّه. في المقابل، دعا رونين إلى إجراء مزيد من المباحثات حول قانون الرواتب، مؤكداً أن إسرائيل ستوافق على أن تدفع لهم بموجب بند مخصّصات الشؤون الاجتماعية، وليس البند الخاص بقضيّة الأسرى، بدعوى أن الأخير يمثّل وسيلةً من وسائل دعم "التحريض" ضدّها في المجتمع الفلسطيني. وكانت تصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية حول "استعداد السلطة لمراجعة قانون الأسرى"، أثارت استياءً فلسطينياً واسعاً، إذ عُدَّت استجابةً للضغوط الأميركية والإسرائيلية. وقال اشتية، في حديث إلى صحافيين أجانب الأسبوع الماضي، حول المطالب الأميركية المتعلّقة بتغيير القانون الذي ينصّ على دفع رواتب لأُسر الشهداء والأسرى، إن "الدفع لعائلات الأسرى ليس جديداً، وليس جريمة، لكن إذا كان هناك بند في القانون عليه انتقادات؛ فنحن مستعدّون لمناقشته". ووصف عدد من الأسرى تصريحات اشتية بأنها "تلميحات خطيرة ومرفوضة"، معتبرين أنها "ستفتح شهيّة الاحتلال على ممارسة المزيد من الضغوط على السلطة، وكأنه يقول للاحتلال إن نتيجة الضغط الذي يمارسه قد أثمرت". والجدير ذكره، هنا، أن المجلس التشريعي الفلسطيني أقرّ قانوناً في عام 2004 - أجرى عليه تعديلاً في عام 2016 -، ينصّ على تقديم حقوق مالية للأسير وعائلته، وتوفير فرصة عمل له، وتحصيل علمي، وتأمين صحي، من طريق وزارة تتابع شؤون الأسرى والمحرَّرين.
أبدى عباس مرونةً حيال ملفّ رواتب الأسرى خلال لقائه رئيس «الشاباك»


وفي الإطار نفسه، ذكر وزير التعاون الإقليمي في حكومة الاحتلال، يوم أمس، أن السلطة الفلسطينية تعتزم "وقف تحويل رواتب الأسرى الفلسطينيين في السجون"، مضيفاً، في تصريحات إلى إذاعة "كان" العبرية، أن رام الله "مستعدّة لتغيير الوضع القائم، لأنها تعلم أن مصدر الأزمة المالية التي تمرّ بها، هو انخفاض مواردها المالية والمساعدات الأميركية المقدَّمة لها، والأموال التي تُخصم من الضرائب". وسيَطرح فريج، الموجود في مؤتمر المانحين، موقف الحكومة الإسرائيلية، عبر التأكيد أن العملية السياسية معلّقة، وأن ما اتُّخذ من خطوات على المستويَين المدني والاقتصادي، هدفه مساعدة السلطة على الخروج من الأزمة الاقتصادية. وبخصوص مسألة الاستيطان، زعم فريج، وهو وزير عن حزب "ميرتس" اليساري، أن "الحكومة الإسرائيلية لن تتّخذ خطوات تجعل من المستحيل تحقيق حلّ الدولتين في المستقبل، فسياستها ليست ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، بل خلْق علاقة ثقة تسمح بتحسين الوضع". لكن، وعلى النقيض من تلك التصريحات، أعلن وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن حكومته ستبني 60 ألف وحدة استيطانية على الأقلّ سنوياً، وليس 40 ألفاً كما كان الحال قبل عام. وفشل مجلس الأمن الدولي، في جلسته الأخيرة التي انعقدت في التاسع من الشهر الجاري، في إدانة الاستيطان، وهو ما سيشجّع تل أبيب على المُضيّ قُدُماً في تنفيذ مشاريعها الاستيطانية.