غزة | على باب المقرّ الرئيس لرئاسة عمليات "الأونروا"، غرب مدينة غزة، احتشد مئات المواطنين لمطالبة مؤتمر المانحين المنعقد في بروكسل بتوفير تمويل مستدام للوكالة، يحول دون استمرار مسلسل تقليص خدماتها، الذي يشهد تصاعداً مستمرّاً منذ عشر سنوات. وحذّرت الفعالية التي نظّمتها لجنة اللاجئين في القوى الوطنية والإسلامية من أن المساس بتمويل مؤسسات "الأونروا" يمسّ جوهر قضية اللاجئين العادلة، فيما اعتبرت "الجبهة الشعبية"، في بيان، أن المؤتمر يمثّل "فرصة للمجتمع الدولي لتكفير خطاياه التي ارتكبها بحقّ اللاجئين الفلسطينيين". وانعقد، يوم أمس، مؤتمر المانحين في العاصمة البلجيكية، بهدف جمْع التبرعات والمِنَح الدولية التي تضمن استمرار عمل مؤسّسات الوكالة في مناطق الشتات الخمس (غزة، الضفة الغربية، لبنان، سوريا والأردن). وتتأثّر خدمات "الأونروا"، لجهة كمّها وجودتها، بمخرجات المؤتمر السنوي الذي يوفّر لها موازنة العمل. وبالتوازي مع انعقاده، شهدت مدارس "غوث وتشغيل اللاجئين" في القطاع إضراباً جزئياً، نظّمه "اتحاد العاملين العرب" في الوكالة. وجاء الإضراب كباكورة فعاليات "نزاع العمل" الذي أعلن الاتحاد الدخول فيه، ابتداءً من الأوّل من تشرين الثاني الجاري. ويمنح نزاع العمل إدارة الوكالة مهلة 21 يوماً "كبادرة حسن نيّة"، لإفساح المجال أمام إدارة الوكالة للاستجابة لمطالب العاملين. وأشار مصطفى الغول، وهو رئيس قطاع الخدمات في اتحاد موظّفي "الأونروا"، إلى أن الفعاليات التي بدأها الاتحاد تهدف إلى "رفع سيف الوكالة المُصْلَت على رقاب العاملين". وقال، في حديث إلى "الأخبار"، إن مطالب "الاتحاد" تتلخّص بإلغاء الإجازة الاستثنائية من دون راتب التي استحدثها مفوّض الوكالة أخيراً، ويُسمَح له بموجبها بإجبار الموظف على المكوث في منزله تحت بند "إجازة من دون راتب". ويطالب الاتحاد، أيضاً، وفق الغول، بعدم تأخير رواتب شهرَي تشرين الثاني وكانون الأوّل، وصرْف العلاوة السنوية قبل نهاية العام الحالي، بعدما أوقفتها إدارة "الأونروا" منذ مطلع العام الجاري، بذريعة الضائقة المالية. ويلفت إلى أن "موظّفي الأونروا يعيشون ظروفاً صعبة؛ ففضلاً عن انعدام الأمان الوظيفي، والتهديد الدائم الذي يشعرون به، فإن إدارة الوكالة وسّعت هامش التوظيف تحت بند العقد اليومي الموقّت، إلى 15%، علماً أن القانون الوظيفي للوكالة، ينصّ على أن لا تتجاوز نسبة المياومين هامش الـ7.5%"، ناهيك عن قيامها بإلغاء عشرات الوظائف في المجالات الصحية. ويضيف الغول: "من حيث الشكل، فإن الأونروا تُواصل تقديم خدماتها في كلّ القطاعات. أمّا من حيث المضمون، فإن الخدمات تشهد حركة تقليصات مهولة: ففي قطاع الصحة، ألغت الأونروا عمل أطباء السكّري والقلب، وقلّصت عمل أطباء الأسنان، فضلاً عن تقليص المعونات الغذائية (الكابونات) عن آلاف الأسر المصنّفة بأنها الأشدّ فقراً".
طالبت لجان اللاجئين في الفصائل الفلسطينية الدول المانحة برفع نسبة التمويل لـ «الأونروا»


وكان "الاتحاد" شدّد، في بيان أصدره لتوضيح مطالب نزاع العمل، على ضرورة تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في مؤتمر بيروت حول صندوق الادّخار، وتعويض نهاية الخدمة، من دون تأخير. وقرّر إرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يحمّل فيه إدارة "الأونروا" مسؤولية نزاع العمل والإجراءات التصعيدية، وحالة الاحتقان، وعدم الاستقرار في صفوف الموظفين. وأعلن أنه سيتواصل مع ممثّلي دوائر الشؤون الفلسطينية واللاجئين في حكومات الدول المضيفة، ووزراء الخارجية فيها، لوضعهم في صورة التحدّيات التي يواجهها الموظفون واللاجئون. من جانبها، أكدت الفصائل الفلسطينية، في بيانات منفصلة، أنها تنظر بأهمية بالغة إلى مؤتمر المانحين الدولي، ودعت إلى حشد الدعم السياسي والمالي المستدام للوكالة، لتمكينها من الاستمرار في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين بما يتناسب مع الزيادة المطّردة في أعدادهم. وطالبت لجان اللاجئين في الفصائل، الدول المانحة، برفع نسبة التمويل، والعمل على توسيع الدعم لبرامج الطوارئ، بما يشمل جميع التجمّعات التي تحتاج إلى للمساعدة، ولا سيما في سوريا ولبنان وقطاع غزة. كما رفضت الفصائل محاولات تسييس التمويل، على شاكلة ما جرى من اتفاق إطار عقدته "الأونروا" مع الولايات المتحدة الأميركية، يجعل اللاجئين رهينة للإدارتَين الأميركية والإسرائيلية، مطالِبةً بإعطاء الحقّ لموظّفي الوكالة بممارسة نشاطهم السياسي والوطني من دون تهديد لأمانهم الوظيفي. وكانت "الأونروا" قد وقّعت، مطلع أيلول الماضي، اتفاق إطار مع الولايات المتحدة يضمن إعادة التمويل الأميركي للوكالة بعد سنوات من قطعه في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، في مقابل شروط رأت فيها الفصائل بوابةً لتدخّل الإدارة الأميركية في تفاصيل عمل "الأونروا"، وتهديداً بإنهاء قضية اللاجئين.