غزة | بعد رفض العائلات الفلسطينية في حيّ الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، التسوية المقترحة مع المحكمة العليا الإسرائيلية، وسريان توقّعات بإصدار الأخيرة حُكماً بالإخلاء لصالح المستوطنين، وإقدام قوات الاحتلال على قمع تحرّكات العائلات والمتضامنين معها أخيراً، جدّدت المقاومة الفلسطينية تعهّداتها بمنع تهجير سكّان الحيّ. وأكد مصدر في المقاومة، لـ«الأخبار»، الاستعداد لتفجير الأوضاع مجدّداً في حال ذهبت محكمة العدو نحو اتّخاذ قرار بالإخلاء، محذّرة من أن هكذا قرار سيؤدّي إلى عودة مسبّبات معركة «سيف القدس» التي وقعت في أيار الماضي. وأشار المصدر إلى أن القيادة السياسية والعسكرية لفصائل المقاومة، وعلى رأسها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، تتابعان ما يجري في حيّ الشيخ جراح بشكل حثيث، جازماً أن المقاومة «لا زالت عند تعهّداتها لصالح العائلات المظلومة في الحيّ»، وأنها «لن تتردّد في استخدام مختلف الأدوات لنصرتهم، بما في ذلك القوّة العسكرية كما حدث سابقاً».وعاد التوتّر إلى حيّ الشيخ جراح جنوب المسجد الأقصى أمس، بعد ساعات من إعلان العائلات الفلسطينية رفضها التسوية مع محكمة الاحتلال. إذ قال الأهالي في بيان: «رفضنا بالإجماع التسوية المقترحة من قِبَل محكمة الاحتلال التي كانت ستجعلنا بمثابة (مستأجرين محميّين) عند الجمعية الاستيطانية (نحلات شمعون)، وتمهّد تدريجياً لمصادرة حقّنا في أراضينا»، مضيفين أن موقفهم هذا «يأتي انطلاقاً من إيماننا بعدالة قضيّتنا وحقّنا في بيوتنا ووطننا بالرغم من انعدام أيّ ضمانات ملموسة لتعزيز وجودنا الفلسطينيّ في القدس المحتلة من قِبَل أيّ جهة أو مؤسّسة». وعلى إثر صدور البيان، وقدوم متضامنين لدعم موقف الأهالي الرافض للتطهير العرقي، سُجّلت اعتداءات إسرائيلية على السكّان بلا سبب، في وقت شدّدت فيه قوات الاحتلال إجراءاتها في الناحية الشرقية من الحيّ وأخلتها من المتضامنين وأجبرتهم على المغادرة.
شدّدت قوات الاحتلال إجراءاتها في الناحية الشرقية من الحيّ وأخلتها من المتضامنين


وفي الإطار نفسه، وصف المتحدّث باسم عائلات «الشيخ جراح»، عارف حماد، التسوية المطروحة من قِبَل الاحتلال بأنها تجديد لمحاولات سابقة جرت طيلة السنوات الماضية منذ عام 1972، بهدف إقناع العائلات الـ28 المرابطة في منازلها بالتنازل عنها لصالح المستوطنين. وتحاول الوحدات الاستيطانية ومحاكم الاحتلال سحب اعتراف من العائلات المذكورة بأنها تحمل صفة مستأجرين، وبأن المستوطنين هم من يَملكون الأرض، تارةً بإغرائها بتعويضات مالية كبيرة وطوراً بتوجيه تهديدات بالقتل إليها، إلّا أن ذلك كلّه كان بلا جدوى، بحسب حماد. وأشار المتحدث إلى أن أهمية الحيّ تكمن في كونه يقع شمال البلدة القديمة، حيث يخطّط المستوطنون لإزالته وإقامة 250 وحدة سكنية على أنقاضه، وقطع التواصل بين شرقي القدس المحتلة وغربيّها، واستيفاء ما تبقّى من الحوض المقدس حول البلدة القديمة. من جهته، أكّد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» ومسؤول مكتب شؤون القدس فيها، هارون ناصر الدين، أن حركته تدعم موقف العائلات الرافض للتسوية، وستعمل على إسنادها في وجه الاحتلال، قائلاً: «لا يمتلك أحد أن يتنازل عن شبر من فلسطين سواءً كان ذلك بتسوية أو غيرها». وفي الاتجاه نفسه، ثمّنت حركة «الجهاد الإسلامي» موقف الأهالي، واصفة إيّاه بأنه «قرار وطني وديني وينمّ عن انتماء هذا الشعب إلى أرضه ووطنه رغم كلّ سياسات الاحتلال المخادعة»، داعية إلى تكثيف الجهود العربية والإسلامية لدعم صمود أهل القدس.
على خطّ موازٍ، شنّت قوات العدو حملة هدم جديدة ضدّ بلدة حزما في القدس المحتلة، شملت منازل ومحالّاً تجارية، إثر التماس تقدّمت به جمعيات استيطانية إلى المحكمة المركزية للاحتلال خلال الأشهر الماضية، لهدم 16 منشأة تعود إلى عائلة الخطيب، وتقول الجمعيات إنها «تقع داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس». وتتعرّض بلدة حزما التي تقع في مركز الضفة الغربية، ويمرّ عبرها طريق يصل شمال الضفة بجنوبها، لانتهاكات إسرائيلية متواصلة، عبر التضييق على أهلها واعتقالهم وتخريب ممتلكاتهم وهدمها، والاستيلاء على أراضيهم لصالح المستوطنات. وهدمت جرّافات الاحتلال، أمس، منزلاً في حيّ الصلعة (دير السنة) في بلدة جبل المكبر، يعود إلى عائلة محمد حروب، من دون تبليغ أصحابه بأمر الهدم، علماً أنهم كانوا حصلوا على أمر بوقف العملية. كذلك، حاصرت قوات كبيرة من جيش العدو، برفقة الجرافات، المنطقة القريبة من حاجز حزما العسكري، وهدمت 4 محالّ تجارية بحجّة عدم الترخيص، فيما أفادت مصادر محلية بأن المحالّ تختصّ ببيع مواد البناء وقطع المركبات، وتعود ملكيتها إلى عائلة الخطيب، التي تفاجأت بعملية الهدم من دون تبليغها مسبقاً.