قرّرت وزارة جزائرية ثالثة، اليوم، إنهاء استعمال اللغة الفرنسية في تعاملات موظفيها الداخلية والخارجية، بالتزامن مع أزمة متصاعدة مع باريس بسبب تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وُصفت بالمسيئة بحق الجزائر.
جاء ذلك في وثيقة وجّهها أمين عام وكيل وزارة العمل، إلى المسؤولين والمؤسسات التابعة لقطاعه.

وبحسب الوثيقة، فإنه يجب الاستعمال الحصري للغة العربية في جميع المراسلات والتقارير ومحاضر الاجتماعات وكل الوثائق (...) دون تهاون أو تقصير.

وجاء هذا القرار بعد أيام من تعليمة مماثلة أصدرها وزيرا التكوين المهني والرياضة تفيد بإجبارية إجراء كل التعاملات الإدارية باللغة العربية، وعدم استخدام اللغة الفرنسية في الوزارتين.

وثمة معلومات متداولة داخل وزارات بوجود تعليمات شفهية من أعلى السلطات في البلاد لإنهاء التعامل باللغة الفرنسية داخل القطاعات الحكومية، لكن لم يتسنَّ لـ«الأناضول» التأكد من وجود قرار رسمي بهذا الشأن.

وفي كانون الثاني 1991، أصدرت السلطات الجزائرية قانوناً يقضي بتعميم استعمال اللغة العربية في المعاملات كلها داخل القطاعات الحكومية، لكنّ تطبيقه بقي معلقاً لأسباب يقول معارضون إنها تعود إلى نفوذ ما يُسمى اللوبي الداعم لفرنسا في الجزائر.

وباستثناء وزارة الدفاع، تستعمل كل الوزارات في الجزائر اللغة الفرنسية في أغلب مراسلاتها الداخلية وحتى في بياناتها الرسمية، بالرغم من أن الدستور ينص على أن «العربية هي اللغة الوطنية والرسمية الأولى، كما أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية ثانية».

وعادة ما تشهد الجزائر جدلاً بشأن مكانة الفرنسية في الأوساط الرسمية بالدرجة الأولى، إذ يحتجّ معارضون، وخصوصاً من المحافظين، على صدور خطابات رسمية بالفرنسية، وتداول وثائق في الإدارات الحكومية بهذه اللغة الأجنبية.

وتزامن قرار الوزارات هذه المرة مع أزمة متصاعدة مع فرنسا، بعد تصريحات لماكرون وُصفت بـ«المسيئة»، حيث طعن في تاريخ الجزائر، ما أدى إلى سحب الأخيرة سفيرها في باريس، ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي في أجوائها.

ويقول خبراء ومؤرّخون إن انتشار اللغة الفرنسية في الجزائر يعود إلى فرضها خلال الحقبة الاستعمارية التي استمرت 132 سنة (1830 -1962) ومحاربة الاحتلال للغة العربية، فضلاً عن تأخر تطبيق قوانين لتعريب الإدارة والتعليم بعد الاستقلال.