ثلاثة أيام تفصل مصر عن فتح صفحة جديدة من تاريخها الحديث مع انطلاق الانتخابات الرئاسية وتوجه الناخبين للإدلاء بأصواتهم، رغم معرفتهم بأن النتيجة المحسومة «تقريباً» لعبد الفتاح السيسي. وفيما المشير مطمئن إلى فوزه بعد نتائج اقتراع المصريين في الخارج، يحاول منافسه حمدين صباحي استمالة أصوات الإسلاميين عبر تأكيده عدم ملاحقتهم في حالة فوزه بالرئاسة.

وقبل موعد الصمت الانتخابي التي توجب حظر الدعاية الانتخابية للمرشحين بدءاً من منتصف ليل اليوم، شوّهت مجموعة من الشباب لافتات الدعاية الانتخابية الخاصة بكلا المرشحين في المنصورة. كذلك هاجمت مجموعة من المتظاهرين أحد مقار حملة السيسي. وفي الوقت الذي لا تزال فيه جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ترفع شعارات رابعة وتطالب بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم، صرح صباحي بأنه لن يلاحق أعضاء الجماعة في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، في محاولة منه لجذب الأصوات المؤيدة للمصالحة. وأضاف صباحي، الذي يراهن على شباب الثورة في نجاحة في الانتخابات، أنه في حال توليه الرئاسة سيعمل على تحقيق مطالب «25 يناير» و«30 يونيو»، ولن يكون هناك سجناء رأي.
وقبيل الانتخابات، تصاعدت حدة العمليات الإرهابية؛ في العريش، انفجرت قنبلة أدت إلى جرح 9 أشخاص، من بينهم عناصر شرطية. واثناء حالت الهلع التي أصابت رواد المنطقة، دهست سيارة تحاول الهروب أحد الأطفال. ورغم تبادل إطلاق النار بين منفذي العملية وقوات الأمن، إلا أن المجرمين لاذوا بالفرار. وفي سياق آخر، انفجرت عبوة ناسفة في جنوب القاهرة، ادت إلى مقتل شخصين. وأُبطلت عبوة ناسفة في الأقصر. وشنت القوات المسلحة حملة واسعة شملت مناطق «قرية السلام وقرية الكاشف ومنطقة المحاجر» في العريش، «وأبو طويلة والجورة» في الشيخ زويد، و«جوز أبو رعد» في رفح. ونجحت الحملة في قتل أربعة عناصر تكفيرية وقبض الجيش على 36 آخرين.
وفي إطار الحصار القضائي على الجماعات التي «تهدد» أمن البلاد واستقرارها، قضت محكمة مصرية بإدراج جماعة «أجناد مصر» ضمن قائمة المنظمات الإرهابية التي شملت بالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء و جماعة «6 آبريل».
في إطار آخر، وفي خصوص العلاقات الخارجية للقوات المسلحة، اتهمت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية الليبية الجيش المصري بدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مدينة بنغازي أخيراً. اتهامات ردت عليها وزارة الخارجية المصرية بأنها ترفض الزج بمصر في الصراع الليبي، وأن مصر وجيشها يقفان على الحياد في ما يخص الشأن الداخلي في ليبيا، وأن مصر حكومة وشعباً تقف وراء الحل السلمي للأزمة في ليبيا.
في اليوم نفسه، اتهم السودان رسمياً، على لسان وزير خارجيته علي كرتي، المخابرات المصرية بدعم المتمردين السودانيين المقيمين في القاهرة. وأكد، في مقابلة معه نشرت في صحيفة «سودان تريبيون»، أنه دعا القاهرة عشرات المرات إلى التوقف عن دعم المتمردين المقيمين في فيلات في القاهرة تعرفها الخرطوم جيداً كما تعرف الشخصيات المخابراتية التي تتعامل معهم.
وفي سياق آخر، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، أن تعاون الجيش الأميركي مع نظيره المصري سيتوقف على تصرفات الحكومة المصرية المقبلة. لكن في نفس الوقت أكد المسؤول العسكري أن المصالح المشتركة بين مصر وأميركا تستدعي القضاء على الإرهاب، وخصوصاً في سيناء وفي ليبيا المجاورة. ولكن هذا لا يعني أن تستخدم مصر الأسلحة الموردة إليها في انتهاك حقوق الإنسان، فقد هدد الجنرال باعتراض سلسلة توريد السلاح إلى مصر في حال مخالفة الأخيرة «اتفاق الاستخدام النهائي».
العنف والإرهاب لم يمنعا الدولة المصرية من استقبال الوفود الأوروبية والعربية ومنظمات المجتمع المدني المسموح لها بتغطية الفعاليات الانتخابية في مصر. فوفد الاتحاد الأوروبي قد وصل بالفعل إلى أسوان، كذلك وصل ثلاثة من أعضاء الوفد الأفريقي المشارك في الرقابة على الانتخابات إلى القاهرة. بالإضافة إلى ذلك، بدأت عناصر القوات المسلحة في الانتشار لتأمين الانتخابات في كافة المحافظات. ونُشرت قوات للحفاظ على أمن المنشآت الحيوية، وخصوصاً قناة السويس.
وفي إطار متصل، شهدت الحركة الطلابية استمراراً للحراك الاحتجاجي؛ طلاب كلية الهندسة جامعة القاهرة أعلنوا إضرابهم عن الامتحانات، كذلك خرج بعضهم في تظاهرات منددة بمقتل زميلهم يوم الثلاثاء الماضي على يد قوات الأمن. أما جامعة الأزهر، فقد صدر عن مجلس إدارتها قرار يجبر الطلاب على الخروج من الجامعة بعد أداء الامتحانات. وفي كل الأحوال لا يسمح بوجود الطلاب داخل أسوار الجامعة بعد الساعة الخامسة مساءً، وإلا تُستعمَل القوة لإخراجهم.
هذا وقد أُخليت المدينة الجامعية لطالبات الأزهر بسوهاج في صعيد مصر، وذلك تنفيذاً لقرار رئيس الجامعة. وفي هذا السياق، مُنحت طالبات الأزهر راحة من الامتحانات في الفترة من 24 أيار إلى 29 أيار الحالي بسبب ظرف الانتخابات الرئاسية.
إلى ذلك، أجلت محكمة جنايات القاهرة، أمس، في جلستها السرية الـ12، محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و14 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين لـ10 حزيران المقبل، في قضية قتل المتظاهرين الشهيرة بـ«أحداث الاتحادية»، لاستكمال سماع شهود الإثبات.
وكانت المحكمة قد قررت في وقت سابق منع الصحافيين والإعلاميين من حضور الجلسات وجعلها سرية، حفاظاً على الأمن القومي للبلاد، فيما يحاكم مرسي و14 آخرون «بينهم 7 هاربين» بتهم التحريض على قتل 3 محتجين وإصابة آخرين أمام قصر الاتحادية في 5 كانون الثاني 2012.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)