القاهرة | لا ترى الأوساط الأمنية المصرية أن حالة الاستنفار على الحدود مع ليبيا وليدة الأيام الماضية، فعناصر القوات المسلحة المنتشرة على الحدود الغربية يعيشون هذه الحالة منذ أن ظهرت «الميليشيات المسلحة» وقسمت ليبيا جغرافيّاً إلى مناطق نفوذ، لكنها تنظر «بعين الاطمئنان إلى الاستعدادات العسكرية في تأمين تلك الحدود» إلى جانب التنسيق على المستويات كافة بين قوات حرس الحدود والقوات الجوية والبحرية ووحدات التدخل السريع.
وتفيد مصادر عسكرية مصرية لـ«الأخبار» بأن «الجيش يتحمل مسؤوليته كاملة في ضبط المناطق المتاخمة للحدود الليبية أو حتى تأمين امتداده الاستراتيجي في الأراضي الليبية إذا تطلب الأمر ذلك، وخاصة مع استمرار محاولات تسلل بعض العناصر المسلحة إلى الداخل لتنفيذ عمليات تفجير وإرباك المشهد قبل الانتخابات الرئاسية».
على الصعيد السياسي، ابتعدت الخارجية المصرية خطوة عن الموقف الذي أفادت به المصادر السابقة، فقد أعلنت الوزارة أنها تتابع باهتمام التطورات المتسارعة في ليبيا، لكنها استنكرت في بيان صحافي أمس «محاولات من داخل ليبيا وخارجها للزج باسم مصر في التطورات الجارية هناك التي تعتبرها القاهرة شأناً ليبياً خالصاً». وأكدت الخارجية في البيان أن «مصر حكومة وشعباً مع إنهاء الانقسام الجاري على الساحة الليبية وحقن الدماء مع رفض أي تدخل خارجي في قضايا ليبيا الداخلية»،
وكان وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي قد التقى نظيرة الليبي محمد عبد العزيز السبت الماضي قبل اقتحام مبنى المؤتمر الليبي العام (البرلمان)، وتحدثا عن اهتمام مصر بعقد «مؤتمر أمن الحدود» الذي كان من المخطط أن تستضيفه القاهرة. على جانب آخر، يشرح قيادي عسكري ليبي الأبعاد التي دفعت اللواء السابق في الجيش الليبي وقائد التحرك العسكري الحالي خليفة حفتر إلى التحرك نحو ملاحقة «الميليشيات التي تتشح بالثوب الإسلامي وباطنها جماعات مسلحة إرهابية»، ويقول لـ«الأخبار»، مفضلاً ألا يذكر اسمه تجنباً لأي تصفية جسدية قد تستهدفه، إن تلك الجماعات المسلحة بسطت سيطرتها على مساحات كبيرة من الأراضي الليبية ثم أقالت قرابة 2000 ضابط ليبي، بمن فيهم حفتر نفسه خلال توليها إدارة البلاد عام 2011».
وأضاف القيادي الليبي: «بعدما تمكنوا، نفذوا تصفية منهجية لكل المتقاعدين والمقالين من الجيش المنتشرين في مناطق شرق ليبيا ووسطها، وهو الأمر الذي دفع حفتر وعناصره إلى اتخاذ موقف ضد هذه المجرزة التي تعرض لها الضباط»، راصداً قتل الميليشيات قرابة 150 ضابطاً خلال الشهور الماضية، «كذلك قتلوا ضابطات سيدات متقاعدات منذ 10 سنوات، ثم هددوا حفتر وعناصره الموالية مباشرة».
ويزيد على أسباب التحرك الأخير الذي وصفه معارضوه والحكم المؤقت بالانقلاب، أن «الجماعات الإسلامية المسلحة وقعت في شرك الخوف بعد نجاح المتظاهرين المصريين في «30 يونيو» في القضاء على حلم جماعة الإخوان المسلمين وأملها في إقامة حكم إسلامي في مصر»، مشيراً إلى أن كل التيارات المسلحة المتحكمة في ليبيا قريبة من مشروع الإخوان رغم اختلاف مسمياتها وأفكارها ما بين جيش النصرة ودروع الإسلام وغيرها.
واتهم القيادي العسكري الليبي، وكيل وزارة الدفاع الليبية خالد شريف الذي يترأس حالياً الحرس الوطني بأنه يمول كل عمليات التسليح بين قطر وتركيا والجيش الحر في مدينة درنة، «والأخير يحتجز كل قادة الجيش كرئيس الاستخبارات العسكرية عبد الله السنوسي، ورئيس الأمن الخارجي أبو زيد دورده». واستطرد قائلاً: «النقاش حالياً يدور حول رد الاعتبار إلى بعض القبائل التي يمكن أن تدعم الجماعات الموالية لحفتر، وغالبيتها من أنصار القذافي وعلى رأسها قبائل بني وليد والمقارحة والجميل والعجيلات والقذاذفة؛ ليتصدوا جميعاً للتنظيمات المسلحة وتلك التابعة لتنظيمي القاعدة والإخوان، وخاصة أن هذه القبائل تتسم بالتعداد السكاني الأكبر والمهارة القتالية الأعلى بحكم رعاية القذافي لها واهتمامه بها». وشدد أخيراً على أن أنصار حفتر يحتاجون دعماً خارجياً من دول الجوار، ولاسيما في التسليح «لأنهم مجموعات تعتمد على الباقي من الأسلحة التي سرقت من مخازن القذافي، فيما تعتمد التنظيمات المسلحة على أسلحة تأتي لهم عبر الجسور البحرية والجوية من قطر وتركيا».