بدأ المواطنون العمل على إيجاد وسائل للتكيّف مع قلّة المشتقات النفطية
ففي أواخر العام الماضي، كان سعر الـ25 ليتر مازوت في السوق السوداء نحو 50 ألف ليرة سورية، أمّا هذا العام، وقبيل بدء فصل الشتاء، فقد بلغ سعر الليتر الواحد منه 3500 ليرة، ما يرجّح احتمالية عجز المواطنين عن شرائه.
بدائل حكومية وشعبية
مع استمرار أزمة المحروقات، سعت الحكومة السورية إلى اعتماد بدائل مختلفة بهدف توفير أكبر قدر من المشتقّات النفطية لضمان سير عمل المنشآت الحيوية. وفي هذا الإطار، عملت الحكومة على شراء النفط من «قسد» عبر وسطاء كطرف ثالث، فيما اتجهت إلى التعاون مع الحلفاء، وخاصة إيران، لتوريد شحنات نفط عبر شركات وهمية وعبر شركات نقل متعدّدة للهروب من الحصار والعقوبات الأميركية. كما استفادت من حماية الأسطول الروسي لإيصال السفن التي تحمل النفط إلى الشواطئ السورية. كذلك، اعتمدت على التجّار والصناعيين السوريين في دفع قيمة شحنات النفط بالقطع الأجنبي من خارج سوريا، واستيفاء ثمنها بعد وصولها وبيعها من قِبَل الحكومة بالليرة السورية، بحسب ما يبيّن الخبير كمال الجفا.
بدورهم، بدأ المواطنون العمل على إيجاد وسائل للتكيّف مع قلّة المشتقات النفطية، فاتّجه البعض منهم إلى الاعتماد على الحطب في التدفئة بدلاً من المازوت، ولا سيما مع عدم حصول أغلب الأسر على مخصّصاتها من المازوت بسعر مدعوم العام الماضي. إلا أنه وفي ظلّ ارتفاع سعر الحطب أيضاً، ركن آخرون إلى استخدام الكهرباء في التدفئة، في حيلة يبدو أنها لم تُجدِ نفعاً في مناطق كثيرة، ولا سيما في حلب. فلا تغذية كهربائية منتظمة في المدينة، والمولّدات أو ما تُعرف بـ«الأمبيرات» ما زالت تسيطر على المشهد، غير أنه لا يمكن استخدام كهربائها لتشغيل سخانات التدفئة مثلاً، فـ«الأمبير» الواحد وصل سعره إلى 11 ألف ليرة سورية، ما يحتّم على المواطنين الاشتراك بأمبير أو اثنين، في حين أن البعض منهم اضطر إلى إلغاء الاشتراك بـ«الأمبيرات» لعدم قدرته على دفع الفواتير أسبوعياً. وكانت المولّدات قد ظهرت في حلب كحلّ بديل اعتمده المجتمع المحلي لتعويض غياب الكهرباء لسنوات، أمّا الآن ومع تقليل الكميات اللازمة من المازوت التي يزوَّد بها مشغّلو «الأمبيرات» بسعر مدعوم، وأمام ارتفاع سعر المادة في السوق السوداء، فلا يبدو الالتزام بالتسعيرة التي حدّدتها محافظة حلب لـ«الأمبير» الواحد ممكناً، ما يعني استمرار الغلاء، وانتظار آليات حكومية جديدة، وربّما توقيع اتفاقيات مرتقبة تضمن وصول ناقلات النفط بـ«سلام» إلى الموانئ السورية.