القاهرة | بعد سنوات من زيارة سرّية قام بها بنيامين نتنياهو إلى مدينة شرم الشيخ المطلّة على البحر الأحمر في إطار محاولات استئناف «عملية السلام» بين الفلسطينيّين والإسرائيليين، حطّ خلَفه، نفتالي بينت، أمس، في المدينة نفسها، لكن بشكل معلَن هذه المرّة، وفي زيارة رسمية هي الأولى لرئيس حكومة إسرائيلية منذ 10 أعوام، حظيت بترحيب كبير من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. السيسي الذي فضّل استقبال بينت في شرم الشيخ وليس القاهرة التي ينزل فيها غالبية المسؤولين الدوليّين، وذلك لدواعٍ أمنية وسياسية، عقد مع ضيفه لقاءَين منفصلَين: الأوّل اقتصر عليهما، والثاني موسّع ضمّ من مصر رئيس المخابرات العامة عباس كامل، ووزير الخارجية سامح شكري، بالإضافة إلى المتحدّث باسم الرئاسة الذي حضر جانباً من اللّقاء فقط، فيما حضر من الجانب الإسرائيلي رئيس «مجلس الأمن القومي» آيال هولاتا، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء آلي جيل، بالإضافة إلى مستشارته شيمريت مائير، والسفيرة الإسرائيلية في القاهرة.وشكّل الملفّ الفلسطيني العنوان الأبرز للقاءات الثنائية والجماعية، حيث تعهّد السيسي بالعمل على إيقاف إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلّة، شرط التزام إسرائيل بـ«ضبط النفس» وعدم القيام بأيّ أعمال استفزازية تؤدّي إلى تدهور الأوضاع ميدانياً. وتتمحور رؤية السيسي، التي ستجري مناقشات إضافية في شأنها مع مسؤولين آخرين من بينهم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، التوافق على هدنة طويلة الأمد، تتيح البدء بتأهيل البنية التحتية في غزة، والتي ترغب مصر في تولّيها بشكل كامل، ضمن خطّة دولية واسعة توفّر التمويل اللّازم لذلك، شريطة أن تكون هناك ضمانات مقدَّمة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعدم التصعيد. ويتطلّع الجيش المصري إلى استلام عملية التأهيل - التي قد تستغرق عامين - عبر شركات خاصة وأخرى تابعة له، بموافقة إسرائيلية. وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بمناقشة الطرح المصري داخل حكومته خلال الأيام المقبلة، علماً أن ثمّة تصوّراً مشابهاً لدى وزير خارجيته، يائير لابيد، في وقت يجري فيه حشد دعم أميركي وأوروبي وعربي لإنجاح الخطة، التي يُفترض أن تشارك الإمارات بجزء رئيس من تمويلها. وبحسب مصادر مصرية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن بينت طرح أيضاً أهمية تعزيز حجم التبادل التجاري بين الجانبين المصري والإسرائيلي، فيما أكد السيسي له أن المضيّ في تهدئة طويلة الأمد في غزة سينعكس إيجاباً على «المصالح الاقتصادية المشتركة».
يتطلّع الجيش المصري إلى استلام عملية تأهيل البنية التحتية في غزة والتي قد تستغرق عامين


من جهة أخرى، بدا لافتاً في التصريحات الرسمية التي صدرت عقب اللقاء من دون مؤتمر صحافي مشترك، إعلان السيسي تناول أزمة سدّ النهضة مع بينت، في ما ينذر بتحرّك مصري هو الأوّل من نوعه لإشراك تل أبيب في ملفّ الأزمة التي لم تُحلّ بعد، علماً أن إسرائيل ترتبط بعلاقات قوية مع اثيوبيا، بل وتُعدّ مساهِمة في بناء السدّ عبر شركات خاصة. وعلى رغم تكرار التصريحات المصرية غير الرسمية عن الدور الإسرائيلي في قضية سدّ النهضة، إلا أن هذه تُعدّ المرّة الأولى التي يخرج فيها الرئيس المصري للحديث عن مناقشة الأمر مع الجانب الإسرائيلي، بما قد يحمله ذلك من دلالات مرتبطة بإمكانية إدخال تل أبيب كوسيط، ولو بشكل غير مباشر، مع أطراف أخرى، وهو الطرح الذي كان قدّمه مِن قَبل سكرتير الرئيس الأسبق حسني مبارك للمعلومات، مصطفى الفقي (يشغل حالياً منصب مدير مكتبة الإسكندرية)، وقوبل باستهجان من أطراف عديدة. وكانت مصر من بين دول عربية اعترضت على الدعم الإثيوبي لإدخال إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، وهي القضية التي ستتمّ مناقشتها في جلسة علنية الشهر المقبل، في وقت يقوم فيه السفير الإسرائيلي في أديس أبابا بدور مندوب تل أبيب في الاتحاد، الذي يقود الوساطة راهناً بين مصر وإثيوبيا والسودان ولم ينجح في التوصّل إلى أيّ حلول.