غزة | بعد أسابيع من انتهاء زيارة مسؤول الملفّ الفلسطيني في وزارة الخارجية الأميركية، هادي عمرو، للمنطقة، حطّت طائرة مدير جهاز المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إي)، ويليام بيرنز، أوّل من أمس، في رام الله، للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس جهاز مخابراتها العامة ماجد فرج، وذلك عقب قيام الأخير بالبعث برسالة إلى المسؤولين الأميركيين، يشرح فيها صعوبة وضع رام الله الاقتصادي. وحسبما نقلت مصادر في السلطة، لـ"الأخبار"، فقد ناقش بيرنز مع عباس وفرج انطلاقة جديدة لـ"عملية السلام" بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، بالإضافة إلى وضع السلطة الاقتصادي والأزمة المالية التي تمرّ بها، وكيفية دعمها حتى تقدر على البقاء، خصوصاً بعد تدهور شعبيتها في الأراضي الفلسطينية. كما تناولت المناقشات الترتيبات المستقبلية داخل السلطة، وكيفية منع "حماس" من السيطرة على القرار الفلسطيني، ودعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمنع اندلاع انتفاضة جديدة، ورفع مستوى التنسيق الأمني بين الفلسطينيين والأميركيين.وجاءت زيارة بيرنز بعد وصول رسالة من رام الله إلى واشنطن، تحمل شكوى واضحة من الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي فاقمت من الأزمة الاقتصادية لدى السلطة، خصوصاً عقب إعادة تفعيل اقتطاع 50 مليون شيكل شهرياً من أموالها. وطالبت الرسالة بتأجيل الخصم الإسرائيلي من أموال المقاصّة لمنح رام الله فرصة لتجاوز أزمتها الكبيرة التي دفعتها إلى تأخير صرف رواتب الموظفين هذا الشهر لأسبوع، والاستدانة من المصارف لسدّ العجز في فاتورة الرواتب. وفي هذا الإطار، كشف المصدر الفلسطيني، لـ"الأخبار"، أن بيرنز ناقش مع عباس وفرج تجديد الدعم الأميركي للسلطة - بخلاف الدعم المقرّرة زيادته لمصلحة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية -، بعد إجراء الأخيرة تعديلات على رواتب الأسرى والشهداء، بما يؤدّي إلى تقليصها، على اعتبار أن واشنطن وتل أبيب تعتقدان أن صرف هذه الأموال يشجّع الفلسطينيين على الاستمرار في مقاومة الاحتلال وتنفيذ عمليات فدائية ضدّه.
طلبت واشنطن إجراء تعديلات على رواتب الأسرى والشهداء بما يؤدّي إلى تقليصها


كذلك، تناول اللقاء مستقبل السلطة خلال السنوات المقبلة، وضرورة ترتيب أوضاعها الداخلية بحيث لا تكون رهينة لحركة "حماس" التي تسعى إلى إسقاطها، وإشعال الأوضاع في الضفة الغربية، ودفْع الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات فدائية. وفي هذا الصدد، جرى الحديث عن ضرورة ترتيب انتقال سلس بعد عباس. وفي الإطار نفسه، أبلغ المسؤول الأميركي، "أبو مازن"، برغبة إدارة جو بايدن في تعزيز مكانة ماجد فرج خلال الفترة المقبلة، سواءً داخل حركة "فتح" أو داخل السلطة، خاصة أنه يحمل الأفكار نفسها التي يؤمن بها عباس في الجانب السياسي. وبحسب المصدر عينه، فإن المباحثات تناولت، أيضاً، عودة التنسيق والعلاقات الأمنية بين السلطة والمخابرات الأميركية، خاصة أن جهاز المخابرات العامة الفلسطيني يُصنَّف أميركياً على أنه "نشط" في منطقة الشرق الأوسط، ولديه قدرات عالية على الوصول إلى المعلومات.
وبالعودة إلى الشقّ الاقتصادي، فقد عرض ماجد فرج، وحسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، خطّة جرى الحديث عنها خلال الشهر الماضي مع الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال، لتعزيز مكانة السلطة اقتصادياً، وما آلت إليه الجهود التي تبذلها اللجان المشتركة مع الجانب الإسرائيلي في هذا المجال. وإذ أثنى المسؤول الأميركي على الخطّة المذكورة، فقد وعد بالدفع في اتجاه تسريع تنفيذها لإنقاذ السلطة. وعلى خطّ موازِ، اقترح بيرنز استئناف العلاقات السياسية بين رام الله وتل أبيب، وعقْد لقاء يجمع عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت خلال الفترة المقبلة، وهو ما رحّب به "أبو مازن" وأبدى استعداده للمشاركة في اللقاء تحت رعاية أميركية. في المقابل، نقل بيرنز، الذي اجتمع ببينت قبل مباحثاته مع عباس بيوم، أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على بعض الخطوات التي من شأنها إعادة تعزيز مكانة السلطة، بما في ذلك السماح ببناء آلاف الوحدات السكنية لمصلحة الفلسطينيين في المناطق المصنَّفة "ج".
وبموازاة ذلك، وفي محاولة لاسترضاء "مجلس مستوطنات الضفة" المحتلة، الذي عقد أمس جلسة طارئة للاعتراض على قرار الحكومة الجديدة بخصوص بناء الفلسطينيين، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "المجلس الأعلى للتخطيط والبناء" التابع لـ"الإدارة المدنية" سينعقد الأسبوع المقبل، للموافقة على خطط جديدة لبناء حوالى 2200 وحدة استيطانية في أماكن مختلفة في جميع أنحاء الضفة، وليس في الكتل الاستيطانية فقط، ولكن أيضاً في الأماكن التي تُعتبر معزولة. وستكون هذه هي المرّة الأولى التي تتمّ فيها الموافقة على خطط بناء بهذا الحجم للمستوطنين في حكومة بينت - (وزير الخارجية يائير) لابيد.