في ظلّ تعرقل عملية صرف المنحة القطرية، بعد رفض البنوك الفلسطينية صرفها على رغم توقيع وثيقة تفاهم على ذلك بين السلطة و«اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة»، قرّرت الفصائل الفلسطينية العودة إلى تصعيد الضغوط على طول حدود القطاع الذي لا يفتأ الوضع الاقتصادي فيه يزداد سوءاً. وفي الوقت الذي ذكرت فيه إذاعة جيش الاحتلال أن السلطة رفعت يدها عن قضية المنحة القطرية، وأن مذكّرة التفاهم التي وقّعتها مع السفير القطري أصبحت لاغية وباطلة، بسبب رفض البنوك التي لديها فروع في غزة الانخراط في العملية خوفاً من تجريمها بموجب «قانون مكافحة الإرهاب» الأميركي، نفى مصدر في رام الله تراجُع الأخيرة عن الاتفاق، مؤكّداً استمرار المفاوضات مع البنوك للتوصّل إلى صيغة يمكن من خلالها استقبال الأموال وصرفها للأسر الفقيرة. لكن رئيس «الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين»، سامي العمصي، اتّهم السلطة بالتعطيل المتعمّد لصرف المنحة، ما يفاقم المعاناة المعيشية لـ160 ألف مستفيد، معتبراً ما تفعله «تلاعباً مقصوداً يتماهى مع التضييق الإسرائيلي وتشديد الحصار».هكذا، تبدو المنحة أمام سيناريوات صعبة تُعقّد دخولها إلى القطاع، خصوصاً في ظلّ رفض الاحتلال إدخالها عبر الشنط من معبر بيت حانون - إيرز كما في السابق، وهو ما يدفع أطرافاً فلسطينية إلى اقتراح إدخال الأموال عبر معبر رفح البرّي، وتوزيعها عن طريق البريد كحلّ وسط لمنع تفجّر الأوضاع. إزاء ذلك، لم تجد الفصائل بدّاً من العودة إلى الضغط الميداني على طول حدود غزة، من خلال استخدام الأدوات الخشنة بما فيها البالونات المتفجّرة والحارقة. لكن الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، أشار إلى أن «الاتصالات مستمرّة مع الوسطاء لإلزام الاحتلال» بالتراجع عن خطواته، محذّراً من أن «استمرار الحصار يمثّل أحد صواعق التفجير والتوتّر». وقال قاسم: «نحن نعطي الأولوية لمساعي الوسطاء لإجبار الاحتلال على رفع الإغلاق، وفي حال واصل تعنّته فلا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي، وشعبنا خاض قبل ذلك حالة كفاحية كبيرة كان أحد أهدافها كسر الحصار». وكانت المقاومة أبلغت الوسيط المصري، وفق ما علمته «الأخبار» من مصادر فصائلية عقب انتهاء اجتماع الفصائل في غزة أمس الخميس، أنها بصدد الذهاب نحو تصعيد متدرّج خلال الأيام المقبلة في ظلّ استنفاد المهلة التي أُعطيت للعدو لفتح المعابر وإدخال المنحة القطرية، واستمرار الجانب الإسرائيلي في ربط ملفّ الوضع الإنساني في غزة بملفّ صفقة تبادل الأسرى.
أبلغت المقاومة المصريين أنها بصدد الذهاب نحو تصعيد متدرّج خلال الأيام المقبلة


في هذا الوقت، وصفت فصائل المقاومة التقرير الأخير لمنظّمة «هيومن رايتس ووتش» بـ«المنحاز» إلى العدو، معتبرة أنه «يتبنّى الرواية الإسرائيلية، ويتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني الذي ارتُكبت بحقه مجازر ضدّ الإنسانية والبنى التحتية». وفيما دعت حركة «حماس»، على لسان المتحدّث باسمها عبد اللطيف القانوع، إلى تصويب التقرير وإنصاف الشعب الفلسطيني وعدم المساواة بين الضحية والجلّاد، أكدت حركة الجهاد الإسلامي، عبر القيادي فيها خضر حبيب، أن ما صدر عن المنظمة «مضلّل، ولا يؤخذ به، وليس له أيّ اعتبار لدى شعبنا الفلسطيني ومقاومته». وكانت «هيومن رايتس ووتش» وصفت، في تقرير أمس الخميس، إطلاق فصائل المقاومة الصواريخ والقذائف خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في أيار الماضي، بأنه يرقى إلى «جرائم حرب»، مطالبة «المحكمة الجنائية الدولية» بإجراء تحقيق في ما وصفته بـ«السلوكين الإسرائيلي والفلسطيني»، مضيفةً أن «لدى السلطات الفلسطينية والإسرائيلية سجلّاً طويلاً من التقاعس عن التحقيق في جرائم الحرب المزعومة».