سعت الحكومة السعودية، أمس، إلى التخفيف من ارتدادات تصريحات سفيرها في العراق ثامر السبهان، التي أثارت ردوداً واسعة بسبب مهاجمته "الحشد الشعبي"، فنأت بنفسها عن هذه التصريحات، بينما تراجع السبهان عن أقواله، معتبراً أنه قد جرى تحويرها.
يأتي ذلك في وقت التقى فيه الأمين العام لحركة "أهل الحق" (العصائب) قيس الخزعلي رئيس بعثة الأمم المتحدة ايان كوبيش في النجف. وأكد الخزعلي أن "الحشد الشعبي" ليس بديلاً من القوات الأمنية العراقية، بل مساند لها، مشدداً على أن أميركا فشلت في مشروعها لتقسيم العراق.
وقال المتحدث باسم الحركة نعيم العبودي، في مؤتمر صحافي، إن "الجانبين تناولا عدة محاور، منها دور الحشد الشعبي ومستقبله والمصالحة المجتمعية ودورها في تحقيق الوحدة السياسية للبلاد، بالإضافة إلى قضية المقدادية"، مؤكداً أن "الخزعلي عبّر عن أسفه للتصريحات الطائفية التي تناولها بعض الساسة حول هذا الموضوع من أجل زيادة التوتر الطائفي".
التقى الأمين العام لحركة "أهل الحق" رئيس بعثة الأمم المتحدة في النجف

ولفت العبودي إلى أن "كوبيش أوضح أن الهدف من الزيارة معرفة الدور الذي لعبته فصائل المقاومة والحشد في الكثير من الأحداث، منها تحرير الأراضي وكذلك إعادة العوائل النازحة إلى مناطقها"، مؤكداً أن "الأمم المتحدة لديها تصور كامل عن حقوق الإنسان في العراق، وقدمت شكرها لسماحة الشيخ الخزعلي للدور الذي لعبه في المناطق المحررة".
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال لقاء بوزير الخارجية إبراهيم الجعفري، في العاصمة البحرينية المنامة، على هامش الاجتماع الوزاري لمُنتدى التعاون العربي ـ الهندي، أن تصريحات السبهان "لا تعبّر عن الموقف الرسمي للمملكة تجاه العراق الشقيق".
وذكرت وزارة الخارجية العراقية أن الجانبين بحثا "القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها تصريحات السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل الإعلام، التي مثلت تدخـلاً واضحاً في الشأن الداخلي العراقي، وخروجاً عن لياقات التمثيل الدبلوماسي، إضافة إلى حديثه بمعلومات غير صحيحة".
وأوضح البيان أن الجانبين قد أبديا "رفضهما لهذه التصريحات". ونقل البيان عن الجبير والجعفري القول إن "هذه التصريحات لا تصبُّ في مصلحة تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين ويجب تجنّب تكرارها في المستقبل".
كذلك، شدد الجعفري على أن "الحشد الشعبي" قوة تمتلك غطاءً قانونياً منحتها له السلطتان التشريعية والتنفيذية في البلاد. وقال إن "قوات الحشد الشعبي واجهت الإرهاب، وتصدت له، وقدمت دماءً في سبيل حفظ وحدة العراق، وهزمت الإرهاب". وأضاف: "نحن لا نستوحي رأينا، وموقفنا من الحشد الشعبي من خلال هذه الدولة، أو تلك الدولة".
بدوره، انتقد رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي تصريحات السبهان. وقال في بيان إن "السفير السعودي تجرد من عباءة الدبلوماسية التي تفرض عليه التزام عدم التدخل في شؤون البلد، الذي يرتبط به بعلاقات تقوم على أساس الاحترام المتبادل". وأضاف أن "مواقف السعودية ونهجها المتطرف والمحرض على الطائفية خلال الأزمات التي تعيشها المنطقة، يجعلها غير مؤهلة للتحدث عن أي قضية تمس العراق أو أي بلد عربي آخر".
ولفت المالكي إلى أن "حكام السعودية يعانون من مشكلة في إدراك الظروف والتوجهات الإقليمية، خصوصاً بعدما نجح العراق في إفشال مخطط داعش التآمري ووقوف المجتمع الدولي الى جنبه في مكافحة الإرهاب وقوى التكفير والتطرف".
في المقابل، اعتبر "اتحاد القوى"، الذي يضم القوى السنية المشاركة في العملية السيساسية، تصريحات السفير السعودي في العراق، بأنها "طبيعية جداً وتحمل نيات طيبة". وفيما أعرب عن استغرابه من "الحملة السياسية" ضده، اعتبر أن السعودية تواجه "تضييقاً" إعلامياً و"تهديدات" أمنية منذ أن قررت فتح سفارتها بالعراق.
وأعرب الاتحاد في بيان عن استغرابه من أنه "منذ أن قررت المملكة العربية السعودية فتح سفارتها في العراق واستئناف علاقاتها، وهي تواجه تضييقاً إعلامياً وسياسياً وتهديدات أمنية صريحة لهذا الانفتاح العربي تجاه العراق من قبل قوى سياسية وشخصيات معروفة الانتماء والتوجه".