الحسكة | رسم الإعلان الأميركي - العراقي المشترك حول «إنهاء المهمّة القتالية» لقوات «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن في العراق، مع «الاحتفاظ بمهامّ استشارية» هناك، علامات استفهام حول مستقبل الوجود الأميركي في سوريا. وفي هذا الإطار، تحدّثت مصادر صحافية أميركية عن أن الولايات المتحدة تتّجه نحو الاحتفاظ بجنودها الـ900 الموجودين في سوريا، من دون أيّ تغيير، بما يعزّز الشكوك في أصل «الانسحاب» من العراق. وفي الاتّجاه نفسه، جاء حضور قائد «المهامّ المشتركة في سوريا والعراق»، بول كالفرت، الاجتماع السنوي للمجالس العسكرية التابعة لـ«قسد» في مدينة الحسكة، وتأكيده استمرار «التحالف» في دعم «قسد»، ليضعف احتمال الخروج من سوريا. لكن وسائل إعلام معارضة نقلت عن مسؤول في «الإدارة الذاتية» الكردية قوله إن «اتفاقاً يتمّ الإعداد له لانسحاب أميركي من شمال سوريا وشرقها، تتولّى بموجبه دولة عربية رعاية مصالح قسد، وإدارة حوار بينها وبين الدولة السورية». ونقلت تنسيقيات المسلحين عن المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن «تلك الدولة قد تكون الإمارات العربية المتحدة». وأشار إلى أن زيارة ممثل «التحالف»، في الأيام الماضية، إلى الحسكة، وحضوره المؤتمر السنوي لـ«قسد»، كان «الهدف الفعلي منه ترتيب هذه الإجراءات العسكرية لسحب القوات الأميركية، مع تقديم منحة مالية لقسد، كنوع من التعويض عن خدمات مسلّحيها، ومنحها الموارد اللازمة لتعويض غياب القوات الأميركية». وتزامنت تلك الأنباء مع تصريحات لرئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، الذراع السياسي لـ«قسد»، إلهام أحمد، توقّعت فيها «حدوث انسحابات أميركية من المناطق التي توجد فيها قواتنا»، لافتة إلى أن «وجود القوات الأجنبية على الأراضي السورية مؤقّت». وأضافت أحمد أن «انسحاب القوات الأميركية أو البقاء في جزء صغير من سوريا، سيؤثّر على الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط».
تنشّط الولايات المتحدة حراكها في مناطق انتشار القبائل العربية في الحسكة

تعليقاً على ذلك، يقول مصدر في «قسد»، في تصريح إلى «الأخبار»، إنه «لا توجد أيّ نية لدى الولايات المتحدة لتنفيذ انسحاب جديد من المناطق التي توجد فيها»، واضعاً «تصريحات قسد في إطار إدراكها أن الوجود الأميركي ليس إلى الأبد». وإذ شدّد على ضرورة «تعزيز العلاقة مع روسيا، وفتح حوار جدّي وفاعل مع دمشق»، فقد أكّد أن «العلاقة جيّدة مع واشنطن، وهي لا تزال تقدّم الدعم العسكري الكامل لقوّاتنا». ويأتي هذا بالتزامن مع تنشيط الولايات المتحدة حراكها في مناطق انتشار القبائل العربية في الحسكة، من أجل استمالة تلك القبائل، ومحاولة منْحها صلاحيات مدنية وعسكرية، خصوصاً بعد صدور تقارير عن «البنتاغون» والاستخبارات الأميركية في شأن رفض قيادة «قسد» الاستجابة للضغوط الأميركية الهادفة إلى توسيع دائرة نفوذ القيادات العربية في جسمَي «قسد» و«الذاتية». وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أنّ «واشنطن تنوي تشكيل قوة عسكرية منفصلة عن قسد قوامها من أبناء العشائر، مع محاولة كسْب ودّ أبناء القبائل والعشائر في القرى والبلدات العربية في محافظة الحسكة لتشجيعهم على الانضمام إلى هذه القوّة». كما تؤكّد أنه «حتى الآن، لا يوجد نيّة أميركية للانسحاب، وما يتمّ الترويج له هدفه محاولة منْع تكرار هجمات مماثلة لاستهداف حقلَي العمر وكونيكو». وتكشف المصادر أن «جولات مكثّفة للأميركيين جرت في قرى تابعة لبلدات اليعربية وتل حميس والقحطانية، مع عزمهم إنشاء مراكز استقطاب لأبناء العشائر في مركزَين في اليعربية وتل حميس».
بدوره، يلفت مصدر محلي، في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «النشاط الأميركي واضح للعيان، وقد تمّ فتح مراكز استقطاب بهدف بدء تسجيل الشبّان العرب في الجسم العسكري الجديد»، موضحاً أنهم «يستغلّون الواقع الاقتصادي للسكّان لإغرائهم برواتب شهرية تتراوح بين 200 و400 دولار». ويشير المصدر إلى أن «البعض يروّج معلومات مغلوطة عن أن تشكيل هذه القوّة يتمّ بالاتفاق بين الجانبَين الروسي والأميركي، وبموافقة الحكومة السورية، تمهيداً لحلول خاصة تمّ الاتفاق عليها لتسوية الأمور في الجزيرة السورية»، معتبراً أن «هذا الترويج يهدف إلى كسْب أكبر أعداد ممكنة من أبناء المنطقة». ويستدرك بأنه «حتى الآن، الإقبال محدود، ولم يتمّ إطلاق أيّ مسمّى ثابت على هذه القوّة المزمع تشكيلها»، مضيفاً أن «الدوريات الأميركية تعرّضت لرشق بالحجارة، مع عدم قبول الكثير من وجهاء العشائر الانضمام إلى هذا التشكيل، ما يرجّح إمكانية إفشاله عشائرياً». من جهته، يؤكّد محافظ الحسكة، اللواء غسان حليم خليل تلك المعلومات لـ«الأخبار»، معتبراً «الخطوات الأميركية تجسيداً لسلوك الولايات المتحدة الهادف إلى خلْق كيانات لتهيئة الأجواء لفتنة عربية كردية لضمان عدم استقرار المنطقة حتى في حال الانسحاب الأميركي من سوريا». ويرى خليل أن «الاحتلال الأميركي يسعى إلى ضرب الوحدة الاجتماعية، وتوفير بيئة تضمن عدم استقرار المنطقة لسنوات»، مؤكداً أن «أبناء المحافظة سيُفشلون هذه المخطّطات، وينتصرون للوحدة الوطنية التي لطالما كانت عنواناً لمحافظة الحسكة».