أهداف إسرائيل السياسية والأمنية من جراء تقديم العلاج الطبي للجرحى من المعارضة السورية، لا يتطرق إليها المسؤولون الإسرائيليون إلّا نادراً. في موازاة ذلك، يحافظ الاعلام العبري على المقاربة الرسمية، ويحاول ابراز «الوجه الانساني لإسرائيل»، التي تتعاطف مع الجرحى، بمعزل عن هويتهم وانتماءاتهم. مع ذلك، بين الحين والآخر، يرد في الاعلام العبري ما يشير إلى الاهداف الحقيقية لـ «المساعدة الانسانية»، وكان آخره، تقرير صحيفة «ذات بوست» العبرية، أمس، التي اكدت الفائدة الاستخبارية والسياسية، بل وأيضاً «الجدار الطيب»، من وراء معالجة الجرحى المعارضين.
نجاح الأسد في اجراء الانتخابات الرئاسية سيعد نصراً كبيراً لروسيا وايران يوسي مليمان، محلل الشؤون الاستخبارية في الصحيفة، كشف عما وصفه بـ «ثمار التدخل الانساني» من خلال معالجة جرحى المعارضة السورية، مشيرا الى ان «هذا التدخل يحوّل الجرحى المعالَجين، وهم اكثر من الف جريح، الى ما يشبه سفراء اسرائيل في سوريا بعد عودتهم»، مضيفاً أن «الجرحى يعودون وهم يحملون صورة جميلة عن العدو الصهيوني، بعد عشرات السنين من غسيل الدماغ التي خضعوا له من قبل الدعاية السورية الرسمية، التي تصور اسرائيل كأنها عدو وحشي». أما لجهة الفائدة الأكثر أهمية، يضيف ميلمان، فهي افساح المجال امام الاستخبارات الإسرائيلية لانشاء قنوات اتصال، وإن بصورة غير مباشرة، ونقل رسائل الى زعماء القرى والبلدات السورية المحاذية للحدود، و«هذه الحالة تعيد بالذاكرة اربعين عاماً إلى الوراء، إلى مرحلة الجدار الطيب بين اسرائيل ولبنان، حيث تولى المهمة في حينه، ضباط الوحدة 504، المسؤولة عن تشغيل المصادر البشرية في شعبة الاستخبارات العسكرية». وهذه الأنشطة الانسانية، تتابع «ذات بوست»، ينبغي أن تضاف اليها تقارير صدرت اخيراً، تحدثت عن وجود ضباط من الاستخبارات الإسرائيلية، يعملون بالتنسيق مع الاستخبارات الاردنية ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، في مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن، ويساعد الضباط الاسرائيليون في عمليات تجنيد وتدريب الشباب الذين ينضمون إلى «الجماعات المتمردة المعتدلة»، إضافة إلى تقارير أخرى، تكشف أن إسرائيل إلى جانب القوات الأميركية والبريطانية والفرنسية، وبالتنسيق مع الاردن، تدرّب المقاتلين في المملكة. ويخلص ميلمان الى أن إسرائيل تعمل على الاستعداد «لليوم الذي يلي»، برغم ان نهاية الحرب ما زالت بعيدة، و«من الواضح انه مهما كانت نتائج الحرب في سوريا، فان الحدود تتجه كي تتشكل بصورة مغايرة، وفي إسرائيل يريدون التأثير على هذه الصورة قدر الامكان». إلى ذلك، رأت صحيفة «هآرتس» أنّ التطورات الاخيرة في الساحة السورية، وآخرها انسحاب المسلحين من الاحياء القديمة في مدينة حمص، تشير الى ترسّخ مكانة الرئيس السوري بشار الاسد، في ظل تراجع المعارضة المسلحة وتردد الاميركيين والغرب في التدخل الفعال لمساعدة «المتمردين»، محذرة من ان نجاح الاسد في اجراء الانتخابات الرئاسية، سيعد نصراً كبيراً جداً لداعمتيه الاساسيتين، روسيا وايران، اللتين ستعملان لاحقاً على صد اي محاولة غربية للتسوية السياسية، التي تتضمن تنحية الاسد عن سدة الحكم. وانتقدت الصحيفة موقف الولايات المتحدة من الحرب السورية، مشيرة الى «ادارة الرئيس الاميركي، باراك اوباما لا تزال تعتقد بأن الصراع العسكري يمكن ان يدار من دون توريد اسلحة نوعية الى أي طرف في سوريا، مع الاكتفاء بتدريب المعارضين في الاردن». وبحسب الصحيفة «تعلن واشنطن دعمها للمتمردين، لكنها في الوقت نفسه لا تعوّل عليهم لتحقيق الانتصار، وخاصة بعد خسارتهم منطقة القلمون الجبلية، وقطع الجيش السوري للطريق اللوجستي الاساسي في محاذاة الحدود اللبنانية». وأمس، ذكرت وسائل الاعلام العبرية ان الجيش الاسرائيلي اعلن المنطقة القريبة من شمال الجولان على الحدود مع سوريا، منطقة عسكرية مغلقة، وبحسب القناة الثانية العبرية، فإن «القرار صدر في اعقاب معارك وتبادل لاطلاق النار في منطقة معبر القنيطرة من الجانب السوري، بين الجيش النظامي ومسلحي المعارضة».