غزة | على مدار سنوات، ظلّت سلطات الاحتلال تحاول تهشيم إرادة الأسرى الفلسطينيين، وكسر سلسلة انتصاراتهم في الإضراب عن الطعام، والذي يفضي في كلّ مرّة إلى رضوخ إدارة السجون والمحاكم لمطالبهم الإنسانية. وهو ما بات يمثّل، في السنوات الأخيرة، على رغم مرارة التجربة، نموذجاً ملهماً لأعداد إضافية من الأسرى للدخول في الإضراب، من أجل وقف اعتقالهم من دون محاكمة. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن أربعة أسرى جدد، بشكل منفصل، الإضراب عن الطعام، رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري التي تمارسها سلطات العدو بحق الفلسطينيين، مُغيّبة إيّاهم في السجون من دون محاكمات، فيما يستعدّ عدد آخر من المعتقلين الإداريين لدخول الإضراب، في حملة تستهدف كسر هذه السياسة.وحفّزت الانتصارات التي حقّقها الأسرى الفلسطينيون أخيراً، ومنهم علاء الريماوي والغضنفر أبو عطوان الذي استمرّ في إضرابه لمدّة 65 يوماً، الكثير من الأسرى على بدء مشاورات داخلية لإطلاق موجة كبيرة من الإضراب خلال الفترة المقبلة. وكشف "نادي الأسير الفلسطيني" أن الأسرى الفلسطينيين في سجن عوفر أرجعوا وجبات الطعام الأسبوع الماضي، وأوصلوا رسالة إلى إدارة السجون بأنه هذه خطوة أولى سيليها إضراب كبير عن الطعام رفضاً لسياسة الاعتقال الإداري. وبدأ الأسير محمد الزغير (34 عاماً، من الخليل) إضرابه قبل خمسة أيام. والزغير ناشط ضدّ الاستيطان، قضى في سجون الاحتلال ثلاث سنوات، وأعيد اعتقاله العام الماضي إدارياً، وجرى أخيراً تجديد اعتقاله الإداري، على رغم توصّله إلى اتفاق مع إدارة السجون العام الماضي على إنهاء هذا الاعتقال، بعد خوضه إضراباً عن الطعام استمرّ لأكثر من 20 يوماً. كذلك، شرع الأسير سالم زبيدات (من قرية بني نعيم في الخليل جنوب الضفة المحتلة)، بحسب بيان "نادي الأسير"، في الإضراب منذ خمسة أيام. وزبيدات معتقل منذ 22 شباط 2020 على خلفية دخوله من دون تصريح إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وقد حُكم عليه بالسجن في حينه أربعة شهور، وبعد أن أمضى مدّة الاعتقال، حوّله الاحتلال إلى الاعتقال الإداري، وأصدر بحقّه خمسة أوامر مدّتها ما بين 3 و4 شهور، علماً بأنه أمضى سابقاً نحو عامين في سجون العدو. وسالم متزوّج وأب لخمسة من الأبناء والبنات، أكبرهم يبلغ من العمر 17 سنة، وأصغرهم أربع سنوات ونصف سنة. وفي التوقيت نفسه، دخل الأسير محمد منير اعمر (26 سنة، من طولكرم)، المعتقل منذ تشرين الأول 2020 والصادرة بحقّه ثلاثة أوامر اعتقال إداري، إضرابه عن الطعام منذ أربعة أيام، فيما يخوض الأسير مجاهد محمود حامد من سلواد شرق رام الله إضراباً منذ ثلاثة أيام. وحامد، المعتقل منذ 22 أيلول 2020 والصادر بحقّه أمرا اعتقال إداري مدّتهما 6 شهور، أسير سابق أمضى 9 سنوات في سجون العدو، ثمّ بعد عام وثلاثة شهور من الإفراج عنه، أعيد اعتقاله إدارياً، وهو متزوّج، وله طفلٌ واحد كان عمره شهراً لحظة اعتقاله.
بلغ عدد الأسرى الإداريين حتى نهاية أيار فقط 520 أسيراً


وفي الإطار نفسه، أكد "نادي الأسير" أن الإضرابات الفردية الرافضة للاعتقال الإداري مستمرّة، من جرّاء تصعيد سلطات الاحتلال هذه السياسة، وتحديداً منذ شهر أيار الماضي، علماً بأن غالبية الأسرى الإداريين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في السجون الإسرائيلية. ويُشكّل الاعتقال الإداري إحدى أبرز السياسات الممنهجة التي يفرضها العدو على الفلسطينيين، ويسرق من خلالها أعمار العشرات من الأسرى من دون أيّ تهمة، وبمساندة من جهازه القضائي الذي ساهم في ترسيخ هذا النهج وتصعيده، وذلك في محاولة لتقويض أيّ حالة مواجهة في الساحة الفلسطينية، على اعتبار أن اعتقالات كهذه تستهدف خصوصاً الفئات الفاعلة في المجتمع الفلسطيني. وأفاد "نادي الأسير" بأن عدد الأسرى الإداريين بلغ حتى نهاية أيار فقط 520 أسيراً، وأن هؤلاء في صدد بلورة برنامج نضالي لمواجهة الاعتقال الإداري، فيما بدأ أسرى "عوفر"، فعلياً، بإرجاع وجبات الطعام كخطوة أولى.