مَنَح تبون منصب الخارجية لإحدى الشخصيات الدبلوماسية الثقيلة، هي رمطان لعمامرة
وعلى رغم إعداد الرأي العام الجزائري لتغيير حكومي موسَّع، إلّا أن تبون آثر الاحتفاظ بـ17 وزيراً من التشكيلة السابقة، أبرزهم رجالات ثقته، مثل وزير الداخلية كمال بلجود، ووزير السكن طارق بلعريبي، ووزيرا الاتصال عمار بلحيمر والتجارة كمال رزيق، على رغم الانتقادات الكثيرة التي وجّهت لأداء بعضهم. من جهتها، لم تحظَ الأحزاب التي أعلنت انتماءها للأغلبيّة الرئاسية، بحصّة الأسد من الوزارات، كما كان بعضها يطالب. وحصلت «جبهة التحرير الوطني» على ثلاث وزارات، في مقابل وزارتين لـ«التجمع الوطني الديموقراطي» و«جبهة المستقبل»، ووزارة وحيدة لـ«حركة البناء»، ممثّلة الإسلاميين في هذه الحكومة. وتزن هذه الأحزاب مجتمعةً حوالى 280 مقعداً في «المجلس الشعبي الوطني»، ما يجعل حصولها على التزكية متاحاً، علماً بأن الوزير الأوّل سيكون مطالَباً، بموجب الدستور، بعرض مخطّط عمله على البرلمان في أقرب وقت.
ويُلاحَظ أن ما حصلت عليه الأحزاب، والذي لا يتجاوز ثلث الوزارات، كان خارج الحقائب السيادية التي بقيت تحت تصرُّف الرئيس والوزير الأوّل، وهو ما أثار تعليقات كثيرة عن تهميش ثقل الأحزاب داخل الحكومة واستمرار منطق الاستعانة بالتكنوقراط نفسه. ودافعت أحزاب في السابق عن تغيير نمط تعيين الحكومة، بحيث يصبح الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية هو المسؤول عن تشكيلها، حتى يستعيد البرلمان دوره وتكون لبرامج الأحزاب الفائزة المصداقية أمام المواطنين. لكن التعديل الدستوري الأخير لم ينصّ على ذلك، وأعطى رئيس الجمهورية صلاحية اختيار الوزراء، مع التمييز بين حالتَيْ الأغلبيّة الرئاسية التي يقود فيها الحكومة وزير أوّل، وحالة الأغلبية البرلمانية التي يسمَّى فيها رئيس للحكومة يطبِّق برنامج هذه الأغلبيّة.
ومن القراءات المتكرّرة التي أحاطت بتشكيل هذه الحكومة، أن تبون ابتعد عن الحكومة السياسية واستعان بخبراء في ميادينهم، من أجل مواجهة الأزمتَيْن الاقتصادية والاجتماعية. ومع أن ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة منح أملاً في استعادة البلاد عافيتها المالية، إلّا أن الواقع يشير إلى أن عجز الموازنة العامة سيسجّل نحو 25 مليار دولار مع نهاية سنة 2021، وهو ما سيدفع الحكومة الجديدة إلى خيارات مؤلمة، أبرزها التقليل من الدعم الاجتماعي الذي يلتهم سنوياً نحو 15 مليار دولار، والموجّه أساساً لدعم الوقود والمواد الغذائية الأساسية، إلى جانب قطاعات الصحة والتشغيل وغيرها. وتَعرف الجزائر، في السنتين الأخيرتين، ارتفاعاً كبيراً في معدلات البطالة تفوق نسبته 20% بين الشباب، إضافة إلى تراجع قيمة العملة الوطنية، وهو ما أدّى إلى إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين. وتبقى البلاد رهينةً لاقتصاد النفط والغاز الذي يؤمِّن 98% من المداخيل، في حين تطمح السلطات إلى تنويع الاقتصاد، ورفع قيمة الصادرات من غير المحروقات، في السنوات المقبلة.