القاهرة | في لقاء كان أشبه بالاستدعاءات العسكرية للصحافيين عند محاورة قادة عسكريين وباختيارات مسبقة من الحملة لتحديد شخصيات الحضور والمستبعدين، التقى المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي رؤساء تحرير الصحف المصرية والخاصة ضمن حملته الانتخابية، لتجنب إجراء مقابلات منفردة مع الصحف المصرية على غرار ما حدث في الانتخابات السابقة.
المشير، الذي تقول مصادر في حملته لـ«الأخبار» إن لقاءه مع الإعلاميين محدد له حتى الآن التكرار لمرة واحدة مع الصحافيين الشباب خلال فترة الدعاية الانتخابية وبنفس الترتيبات المسبقة، تحدث عن أهمية الصحافة في خدمة المجتمع والتعبير عن قضاياه المختلفة وإمكانية استغلالها لتحقيق نقلة نوعية على مستوى الوعي المجتمعي المطلوب لتنميته ومواجهة التحديات، مشيراً إلى أن «تطبيق النماذج الديموقراطية الغربية على الواقع المصري يظلم المصريين ولا يسهم في عملية بناء الدولة المصرية بنحو حقيقي، نظراً إلى الاتجاه الدائم في استدعاء صورة بديموقراطيات مستقرة».
وقال إن «الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري»، مضيفاً أن «الجيش المصري على استعداد للتدخل لمصلحة الأمن القومي في الخليج العربي وفي جميع أنحاء الوطن العربي لو تعرض الأمن القومي للخطر، لكن بعد الحصول على موافقة الشعب المصري».
وكالعادة، تهرب المشير من الرد على تساؤل عن البرنامج الانتخابي الذي لم يطرح على المصريين، مكتفياً بالتأكيد أنه برنامج طموح يعتمد على استغلال طاقات المصريين ويعول كثيراً على الاستثمار العربي والاجنبي في التنمية، فيما اكد اعتماده على مؤسسات الدولة القائمة، نظراً إلى مرور الدولة بأضعف حالاتها مع مكافحة الفساد واتخاذ إجراءات حاسمه ضده وذلك في إشارة إلي وجود أفراد من حملته محسوبين على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأبدى المشير استعداده للرحيل عن السلطة بعد فوزه بالانتخابات حال خروج تظاهرات ضده، قائلاً: «عندما يقول الشعب لي ارحل سأنفذ فوراً، فأنا مستدعى من المصريين، والوطن الآن في خطر ويحتاج من جميع المصريين لأن يتحملوا المسؤولية معنا، المهمة كبيرة جداً وتحتاجنا جميعاً، فأنا لا أرغب في أن أجد من يعوقني أو يعرقلني الآن عن مسيرة البناء التي أخطط لها، فليس لدي سوى الفهم والفهم والفهم، ولا أمانع أن أجلس مع كل مواطن وأفهمه ما تحتاج إليه المرحلة من أجل مصلحة بلادي».
في إطلالة تلفزيونية ثانية بالزي المدني مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، قال السيسي إنه يسعى إلى التأكيد للعالم أن ما حدث في مصر كان إرادة شعبية خالصة. وأضاف أنه سيتابع العمل على النهج نفسه في حال فوزه بكرسي الرئاسة. ورسم السيسي خلال المقابلة خطوط العلاقات الخارجية لمصر في المرحلة المقبلة، مؤكداً أن زيارته لروسيا كانت في إطار تعدد علاقات مصر مع المجتمع الدولي بالكامل، «لأن مصر تحتاج دعم كل من يستطيع أن يسهم في تجاوزها مرحلة الخطر، كذلك إن العلاقات العسكرية مع موسكو لم تنقطع منذ السبعينيات، ولست أنا من افتتحها».
أما عن موقف الإدارة الأميركية من الوضع في مصر، فعلق قائلاً: «كان لدى واشنطن رؤية خاصة في المشهد المصري مرتبطة بالقانون الذي يلزمها التعامل مع الواقع »، مستدركا: «سنتعامل مع الجميع من أجل مصلحة مصر، وأتصور أن الكل يعلمون مدى وطنيتي».
وكان لافتاً أن فريق عمل السيسي طلب عدم طرح أي سؤال عن سوريا عليه، على ما أفادت مصادر مطلعة.
ورغم الاطمئنان الذي أبداه تجاه المواقف الدولية، فإنه نبه إلى خطر «الإرهاب على حدود مصر الشرقية (سيناء) والغربية الذي يشكل تهديداً كبيراً على الأمن القومي لمصر، لذا يجب العمل على عودة الأمور إلى طبيعتها، ولا سيما على الحدود مع ليبيا».
ووجه المرشح الذي تشير استطلاعات الرأي إلى تصدره المشهد تقديره إلى «الأشقاء في الإمارات والمملكة السعودية على دعمهم ومساندتهم»، لافتاً إلى أن أولى زياراته الخارجية ستكون للرياض، وأن المصريين لن ينسوا من وقف بجانبهم أو ضدهم، في إشارة إلى قطر التي لامها بالقول: «لا تخسروا الشعب المصري أكثر».
في السياق نفسه، وجه رسالة أخرى إلى تركيا بتحميلها مسؤولية قطع العلاقات، موضحاً أن «أنقرة هي التي تغلق الباب بسبب سلوكها تجاه مصر». ثم عاد ووجه الشكر إلى الشعب الجزائري لينطلق من ذلك إلى الحديث عن علاقات مصر مع الامتداد الأفريقي، التي أوضح أنها لم تحصل على الجهد الكافي لتطويرها، لكنه بين أنهم يقدرون مصالح الآخرين «من دون المسّ بمصالحنا كمسألة المياه التي هي قضية حياة أو موت. مع ذلك سنحترم كل المواثيق الدولية، ولا سيما معاهدات السلام».
في الشأن الداخلي، ذكر المشير أن التحديات تواجه كل قطاعات الدولة المصرية، قائلاً: «حجم الديون يصل إلى 1,7 تريليون جنيه، وهذا لا ينبغي أن يَورَّث للأجيال القادمة»، وتابع: «سأسعى إلى إنشاء 22 مدينة صناعية و26 مدينة ومركزاً سياحياً و8 مطارات».
واستطرد السيسي: «ما يلزم عمله في سنة ونصف يمكن إنجازه في ثلاثة أشهر. سأركز على آليات موازية لضبط الأسواق والأسعار، ولا بد من خفض هامش الربح للقطاع الخاص مقابل دعم الفقراء ومحدودي الدخل من دون إغفال إتاحة المجال للاستثمار العربي والأجنبي، مع توفير المناخ الحقيقي لنجاحه».
أما على المستوى السياسي، فقال إنه لن يشكل حزباً أو ينضم إلى آخر، بل يكفيه المصريون كظهير شعبي فى المستقبل، «لأن المؤسسة العسكرية التي انتميت إليها استطاعات أن تحافظ على قيمها في ظل انهيار الوضع على مدار سنوات». وعن مستقبل الإخوان المسلمين اختتم قائلاً: «لن أسمح بوجود مكتب الإرشاد في ولايتي».