القاهرة | من دون سابق إنذار، قرّرت «الهيئة الوطنية للصحافة» ــــ الجهة الحكومية المسؤولة عن الصحف والمجلات ــــ إيقاف تجربة الصحف المسائية في مصر بشكل كامل، ضمن سلسلة قرارات اتّخذتها الهيئة، التي يرأسها مهندس عيّنه، العام الماضي، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع أعضاء يمثّلون جهات مختلفة، لمدة أربع سنوات. المهندس عبد الصادق الشوربجي، المعروف باهتمامه بالعوائد المالية، قرّر، بصورة مفاجئة، إنهاء تجربة الصحف المسائية، التي بدأت في الظهور، قبل أكثر من 65 عاماً، بهدف تقديم مزيد من الأخبار للقرّاء. التجربة، التي بدأت بجريدة «المساء» منتصف الخمسينيات، قبل أن تنضمّ إليها «الأهرام المسائي»، ثم «المسائية» التي تحوّلت لاحقاً إلى «الأخبار المسائي»، اتخذ الشوربجي قراراً بإنهائها دفعة واحدة في منتصف الشهر الحالي، من أجل تخفيض النفقات وتقليل الخسائر، ولتحقيق المساواة بين المؤسّسات الصحافية الكبرى الثلاث: «الأهرام»، «الأخبار» و«الجمهورية».
صحيح أنّ قرار الإيقاف جاء صادماً حتى مع تدنّي مبيعات الصحف المطبوعة بشكل عام في السنوات الأخيرة، إلّا أنه ترافق مع إعلان الاكتفاء بنسَخٍ إلكترونية للإصدارات الثلاثة، والإبقاء على وضع صحافييها كما هو من دون تغيير، مع احتفاظهم بمميّزاتهم المكتسبة، خلال فترة عملهم، في صيغة تضمن تهدئة أوضاع العاملين موقّتاً. إلّا أن الخسائر المتوقّعة أكبر بكثير من مجرّد آلاف الجنيهات التي سيتمّ توفيرها من الطباعة، إذ سيتعرّض بائعو الصحف لخسائر كبيرة أيضاً، وخصوصاً بعدما اضطرّ معظمهم إلى إغلاق محالّهم، أو اللجوء إلى عمل آخر.
أمّا المفارقة الأخرى، فتمثّلت في أنّ صحيفة «الأخبار» التي تنشر إعلاناً لإصدار «الأخبار المسائي»، بشكل يومي، وضعت إعلاناً، أمس، متضمّناً عنوان «ثورة جديدة في عالم الصحافة»، من دون أن توضح أنّ النسخة المسائية ستتوقّف بشكل كامل عن الصدور، بعد أقلّ من 10 أيام. المفاجأة في القرار أصابت الجميع بحالة من الارتباك، ومن بينهم نقابة الصحافيين التي تغاضت في الماضي عن قرارات مماثلة، سواء تحويل مجلّة «البيت» الصادرة عن «الأهرام» إلى إصدار إلكتروني، أو تعديل آلية صدور بعض الإصدارات، مثل «الكتاب الذهبي» و«أخبار النجوم»، وصولاً إلى تعيين رئيس تحرير لأكثر من إصدار، وهو ما يسهّل من عملية الدمج والإغلاق، التي ستتواصل، ولكن بشكل تدريجي، تجنّباً لإثارة الغضب لدى العاملين.
ما تبحث عنه «الهيئة الوطنية للصحافة»، بقيادة الشوربجي، هو العائد المادي الذي يمكن أن يقلّص الخسائر، بغض النظر عن النتائج. ففي الاجتماع الذي اتُّخذ فيه قرار إغلاق الصحف الثلاث، منح مدير الهيئة علاوة لجميع العاملين في المؤسّسات بقيمة 12 دولاراً شهرياً، تُصرف كحافز، في محاولة لإرضائهم ومنعهم من الاعتراض. ووسط كلّ ذلك، يبقى أنّ الهيئة لم تضع يدها على المشكلة الأساسية التي تعانيها الصحافة، والتي عزف عنها الجمهور بسبب تشابه محتواها إلى درجة التطابق تقريباً، تمجيداً لإنجازات الدولة، مع تراجع سقف الحريات بصورة غير مسبوقة.


«إيفر غيفن» تُبحر غداً... بوساطة يابانية
تُبحر سفينة «إيفر غيفن» من قناة السويس، يوم غدٍ الأربعاء، بعد نحو 100 يوم من التحفّظ عليها، إثر جنوحها في القناة، وإغلاق الممرّ الملاحي لمدّة خمسة أيام. وجاء ذلك في وقت جرى فيه التوصّل إلى اتفاق يتمّ بموجبه الحصول على أحد أكبر التعويضات البحرية في العالم، بقيمة 540 مليون دولار تقريباً. لكن هيئة القناة لن تتسلّم قيمة التعويض كاملاً، وذلك استناداً إلى الاتفاق بينها وبين مندوبي الشركة اليابانية المشغّلة للسفينة، التي تستعدّ للإبحار إلى نوتردام. وستحصل القاهرة على جزء من المبلغ نقداً، على أن يجدول المبلغ المتبقّي ليُدفع في وقتٍ لاحق، فضلاً عن حصولها على قاطرة يابانية جديدة بقيمة 70 مليون دولار.
وبحسب الاتفاق الذي تمّ بموجبه رفع الحجز التحفّظي عن السفينة، ستقدِّم الحكومة اليابانية دعماً لوجيستياً للهيئة، خلال الفترة المقبلة. وتمثّل قيمة التعويض الذي ستحصل عليه هيئة قناة السويس نحو 60% ممّا طالبت به، في بداية المفاوضات، إذ طلبت أكثر من 900 مليون دولار مقابل الإفراج عن السفينة، قبل أن تخفّض المبلغ إلى نحو 700 مليون دولار، وصولاً إلى مبلغ 540 مليون دولار، قبلته الهيئة بعد وساطة الحكومة اليابانية، إضافة إلى مساعدة منتظرة منها للهيئة، خلال الفترة المقبلة.