صنعاء | تحوّلت المواجهات التي دارت خلال الأيام الماضية عند تخوم مدينة مأرب، إلى حرب استنزاف شرسة بين الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» من جهة، والقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، والمسنودة بميليشيات حزب «الإصلاح» وعناصر تنظيمَي «القاعدة» و»داعش»، من جهة أخرى. وفي مقابل تراجع حدّة المعارك في جبهات جنوب المحافظة وشمالها، اشتدّت وتيرتها في الجبهتَين الغربية والشمالية الغربية الواقعتَين على مداخل مدينة مأرب خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية. وعلى رغم كثافة غارات طيران التحالف السعودي - الإماراتي، والتي بلغت أكثر من 30 غارة أمس، حقّقت قوات صنعاء تقدُّماً باتجاه مدينة أسداس، مركز مديرية رغوان شمال غرب مركز المحافظة، وآخر مماثلاً في التومة العليا شرق العطيف، وفي محيط تُبّتَي البس والمصارية في الجبهة الغربية. واتّسمت مواجهات الساعات الماضية بارتفاع معدّلات الكمائن المسلّحة التي تعرّضت لها قوات هادي عند تخوم المدينة، إضافة إلى نجاح الجيش و»اللجان» في استدراج تلك القوات إلى مناطق محكمة شرق العطيف، لتُجهز على العشرات من عناصرها هناك. ووفقاً لمصدر عسكري في صنعاء، فإن «المعارك تُخاض وفق تكتيكات عسكرية مُحكمة ومرسومة بدقّة بمسارات متعدّدة»، وإن «حرب الاستنزاف تُعدّ إحدى أهمّ مراحل التهيئة لتحرير المدينة من دون دمار». وأكد المصدر أن «توجّه قوات هادي والميليشيات المساندة لها إلى حفر الخنادق في المزارع على امتداد المناطق المتاخمة لمدينة مأرب لن يفيدها ولن يحميها من ضربات الجيش واللجان الشعبية خلال الأيام القادمة».
أعلنت ميليشيات «الإصلاح» صرف «إكرامية» سعودية لكلّ المقاتلين في الصفوف الأمامية

في المقابل، أعلنت ميليشيات «الإصلاح» صرف «إكرامية» من الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، لكلّ المقاتلين في الصفوف الأمامية، في محاولة لإعادة شحذ الهمم، وتزخيم عمليات التحشيد المتواصلة نحو خطوط التماس. لكنّ مسلّحين من قبيلة مراد اتّهموا وزارة الدفاع في حكومة هادي بمصادرة شحنات سلاح ودفعة من الأموال السعودية كانت في طريقها إليهم في الجبهة الجنوبية، في تكرار لحوادث مماثلة سابقة. في هذا الوقت، وعلى رغم تكتّم قوات هادي على مشاركة التنظيمات الإرهابية في القتال في صفوفها في جبهات مأرب، أعلن «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، أوّل من أمس، شنّ هجوم على مواقع قوات الجيش و»اللجان» في جبهة الحازمية في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، ردّاً على مقتل ثاني أهمّ القيادات في التنظيم، المدعو «أبو البراء الصنعاني»، قبل أيام، خلال معارك مأرب. وكان التنظيم أعلن مقتل القيادي «أبو عمر عثمان الأبيني» بنيران قوات صنعاء في معركة البَلق القِبْلي جنوب غرب مأرب.
على خطّ موازٍ، أفادت مصادر سياسية بأن ثمّة مساعيَ إقليمية ودولية منذ أيام لإقناع حكومة صنعاء بإيقاف التصعيد العسكري عند تخوم مدينة مأرب، وإيقاف الهجمات الجوية ضدّ السعودية. وتتزامن تلك المساعي مع مواصلة حكومة هادي تحرّكاتها الدبلوماسية للتحشيد ضدّ عمليات الجيش و»اللجان»، وهو ما دفعها أخيراً للتوجّه إلى برلين، التي وصلها أوّل من أمس وزير خارجية تلك الحكومة، أحمد عوض بن مبارك، في زيارة تستمرّ ثلاثة أيام.