حمص | أعلن الجيش السوري هدنة تقضي بوقف إطلاق النار في مدينة حمص القديمة، تمهيداً لبدء المفاوضات بينه وبين المسلحين المحاصرين، عبر وسطاء من لجان المصالحة الشعبية. وقف العملية العسكرية، التي كان الجيش قد بدأها الشهر الفائت داخل المدينة القديمة، أعقبه خروج 3 ممثلين عن المسلحين، بهدف فتح باب التفاوض.
وخلال اللقاء، بعد وقف اطﻻق النار الذي تخللته بعض الخروق المحدودة، دار نقاش حول سبيل خروج آمن للمسلحين، بينما طالب ممثلو الدولة بتسليم مخطوفين داخل الأحياء القديمة، إضافة إلى حلّ بعض المسائل الانسانية، كإدخال مساعدات غذائية وطبية إلى قرى وبلدات محاصرة، مثل نبّل والزهراء في ريف حلب الشمالي.
والممرّ المتوقع فتحة أمام المئات من مسلحي أحياء الحميدية وجورة الشياح والقصور، مروراً بالقرابيص، هو طريق الدار الكبيرة ــ تير معلة، وصولأً نحو تلبيسة في الريف الشمالي. وينصّ الاتفاق الأولي، على إخراج 52 مجموعة مسلّحة، تضمّ 2300 مسلّحاً من كامل أحياء المدينة القديمة، بسلاحهم الفردي. وتذكر مصادر «الأخبار» أن السماح بإخراج الأسلحة الفردية يأتي بعد محاولة التفاوض قبل أيام لإخراج مجموعة مكوّنة من 200 مسلّح بدون أسلحتهم، إلا أن مسلحي الدار الكبيرة رفضوا استقبالهم، بسبب خلافات داخلية بين معارضي المنطقتين. ممثلو مسلحي حمص القديمة الثلاثة الذين خرجوا للتفاوض خلال الهدنة، بينهم أحد المشايخ من آل هلال، الذي نقلت المصادر عن تعرضه لطلق ناري، بهدف عرقلة إتمام الاتفاق من قبل مجموعة رافضة للتسوية، ما عرّضه لإصابة طفيفة في يده، قبل أن يعود حاملاً بنود الاتفاق إلى المسلحين المحاصرين: 48 ساعة فقط أمام المسلحين لتسليم المدينة القديمة، مع خرائط شاملة للأنفاق المحفورة تحتها والألغام المزروعة بين مبانيها، مع كامل الأسلحة الثقيلة. ويعُد الجيش الاتفاق ملغى إذا لم تنفَّذ بنوده خلال الساعات المحددة. ويشمل الاتفاق إخراج 70 من المخطوفين المحتجزين لدى المسلحين.
واتفق المجتمعون على لقاء آخر يحدّد اليوم، بانتظار الرد على طلبات الجهات الرسمية.
يتوقع عقد تسوية منفصلة تختص بمسلحي حي الوعر

ويتوقع عقد تسوية منفصلة تختص بمسلحي حي الوعر (غرب مدينة حمص)، خلال وقت لاحق من إنجاز بنود اتفاق الأحياء القديمة.
خبر التسوية المرتقبة انقلب إلى هدوء طبع أجواء مدينة حمص منذ ظهيرة أمس، لكن بحلول الليل لم يكن أي مسلح قد خرج عبر «الممر الآمن».
الحمصيون في ترقب. الأماني بنجاح التسوية وعودة مدينتهم آمنة غلبت على آراء الناس، لكن البعض، كالمواطن نضال محمود، يبنون موقفهم على «عدم الثقة بأيّ جهة معارضة مسلحة، لأنهم دوماً يحنثون بالعهد، ويريدون الانتقال إلى منطقة أخرى فيها خط إمداد وسلاح وتمويل لكي يتابعوا إجرامهم».
مصدر في وزارة المصالحة الوطنية قال لـ«الأخبار» إنّ «التسوية هي الفرصة الأخيرة لحقن الدماء، وقد أفهمنا المسلحين ذلك جيداً. نصفهم سلّم نفسه، واستفاد من التسوية، وهو يعيش الآن بسلام». وأضاف المصدر أنّ «استفزاز الجيش بالتفجيرات والقصف العشوائي للأحياء سيكون هذه المرة ذا كلفة كبيرة، ولن تتوقف العمليات قبل إنهاء الوجود المسلح في المدينة القديمة تماماً».
بدوره، رجّح مصدر متابع ألا «يفشل الاتفاق، لكن بعد إلقاء السلاح ستبقى نخبة من المقاتلين المؤدلجين، ومعهم عشرات من العرب والأجانب للقتال حتى الموت كما جرى في الحصن والزارة».
وأضاف المصدر أنّه في حال فشل الاتفاق، فسيشن الجيش عملية كبرى في أي لحظة، وخصوصاً أن «المسلحين استغلوا ميل الدولة للتسوية لكي يصعدوا من هجماتهم التي حصدت أرواح عشرات الأبرياء».
وساهمت في إنضاج الاتفاق شخصيات حمصية غير محسوبة على الدولة أو المسلحين، وبقيت طويلاً في الظل، وتصرّ على ذلك بالامتناع عن التصريح للإعلام. وأدى هؤلاء دور «صندوق البريد»، وساهموا في تقريب وجهات النظر بين السلطات الرسمية ورموز ما يسمى «المجلس الشرعي»، وأهمهم الشيخ غزوان السقا، وأبو راكان المهباني، قائد «كتيبة أحرار جورة الشياح».
ويتوزع المسلحون، الذي بينهم نسبة منخفضة من غير السوريين، على مناطق عدة في المدينة القديمة، تمكّن الجيش من تقطيع أوصالها نسبياً، وعزلها عن بعضها بعضاً، حيث يتحركون عبر بعض الأنفاق ومجاري الصرف الصحي. وهذه المناطق هي الصفصافة جنوباً، وباب التركمان، وباب هود، وشمال الحميدية والأسواق، وجورة الشياح، وصولاً إلى حي القصور بموازاة سوق الهال. وتمثل هذه المناطق شريطاً ملتوياً بطول أقل من 2.5 كيلو متر.