أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه سيسعى إلى سن قانون «يضمن تكريساً دستورياً لمكانة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي»، وهو موقف رأى فيه مراقبون ردّاً على إعلان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رفضه القاطع الاعتراف بإسرائيل دولةً قومية للشعب اليهودي.
وقال نتنياهو، في خطاب ألقاه عشية الذكرى الـ66 لقيام اسرائيل في بيت ديزنغوف في تل أبيب، وهو المكان الذي أعلن منه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول، دافيد بن غوريون، إقامة دولة اسرائيل، إن مهمته العليا كرئيسٍ للوزراء هي «تثبيت مكانة اسرائيل كالدولة القومية لشعبنا»، مضيفاً: «للأسف الشديد، مثلما رأينا أخيراً، ثمة من لا يعترفون بحقنا الطبيعي هذا. وهم يسعون الى التشكيك بالمبرر التاريخي لوجودنا». وأثار موقف نتنياهو ردود فعل متفاوتة على الحلبة السياسية في إسرائيل.
ففيما رحب رئيس الائتلاف الحكومي، النائب عن حزب الليكود، ياريف ليفين، بإعلان نتنياهو واصفاً إياه بالتاريخي «ومن شأنه إعادة إسرائيل إلى مسارها الصهيوني»، أعلنت وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، أنها تعارض طرح نتنياهو وستعمل على إحباطه. وقال مقربون من ليفني إنها ستعرقل مشروع القانون في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع التي ترأسها.
وانتقدت النائبة الليكودية ميري ريغف بشدة وزيرة العدل تسيبي ليفني التي أعربت عن معارضتها لمشروع هذا القانون. ورأت ريغف أن «إمراره لن يضر بإسرائيل على الساحة الدولية لأن الكل يعرف ان اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي».
واستبعدت عضو الكنيست أييلت شاكيد من كتلة البيت اليهودي ان «يُخضع مشروع هذا القانون النظام الديموقراطي في اسرائيل للقيم اليهودية». وقالت شاكيد ان القانون المقترح يهدف الى تمكين الدولة من حماية مصالحها القومية في محكمة العدل العليا، ضاربة مثالاً على ذلك الالتماس المقدّم ضد قانون التجنيس الذي يمنع لم الشمل. وأوضحت بهذا الخصوص انه «يجدر بالدولة الا تتعلل باعتبارات امنية، بل أن تؤكد أنّ الدولة القومية للشعب اليهودي لا يمكنها منح الجنسية لكل شخص غير يهودي». وكانت شاكيد تشير بذلك إلى الخلفية الأساسية التي رأى معلقون أنها تقف وراء نية نتيناهو إقرار القانون المذكور، وهي إجبار المحكمة العليا على ترجيح الهوية اليهودية لإسرائيل على طابعها الديموقراطي في المواضع التي يحصل فيها تصادم بين المسألتين.
وجاءت ردود الفعل الأقسى من أعضاء كنيست عرب. وقال رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، عضو الكنيست محمد بركة، إن القانون يستكمل مسلسل القوانين العنصرية الإسرائيلية، وهو «امتيازات لليهود لكونهم يهوداً في كل مجالات الحياة، من تعليم وعمل، وينتقص من مكانة اللغة العربية، التي يعتبرها القانون لغة رسمية، رغم عدم احترام القانون ممارسة على الارض».
ورأى رئيس الحركة العربية للتغيير عضو الكنيست أحمد الطيبي أنه «لا يستطيع أي قانون أساس، لا في الكنيست ولا خارجها، إلغاء حقيقة كون هذه البلاد وطننا القومي، الذي ولدنا فيه، وصمدنا فيه بعد النكبة، ونعيش فيه من خلال نضال مستمر من اجل العدل والمساواة، ولم ننجح في ذلك حتى الآن في ظل سياسة التمييز والإقصاء».
وأشارت تقديرات إلى أن نتنياهو سيعقد اجتماعاً لطاقم خاص يفحص كل مشاريع القانون السابقة ومسودات التشريع المختلفة في موضوع قانون القومية التي أعدها في الماضي أعضاء كنيست كي يبلور قانونا أساساً شاملاً. ورجحت التقديرات أن يبادر نتنياهو إلى طرح التشريع على التصويت في الدورة الصيفية للكنيست.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن رئيس حزب العمل، إسحاق هرتسوغ، يسعى إلى ضم حزب «الحركة» الذي ترأسه تسيبي ليفني، لحزبه في ظل الأحاديث أخيراً عن تفككه وانهيار أبرز طروحاته، وهو المفاوضات مع الفلسطينيين. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي مطلع قوله إن انضمام حزب ليفني إلى حزب آخر هو مسألة وقت، لأن الخيار الآخر هو التفكك والانهيار، فليس بمقدور الحزب الاستمرار إلى فترة أطول.