رام الله | مجدّداً، تتحوّل الضفة الغربية والقدس المحتلّتان وحدود قطاع غزة إلى مسرح مواجهات بعد أيام قليلة من الهدوء النسبي. إذ عادت العمليات الفردية إلى الواجهة من جديد، بعد تنفيذ شابّة لعملية دهس أمس، سبقها بيوم تفجُّر موجة مواجهات مع العدو بالتزامن مع «مسيرة الأعلام» التي نظّمها المستوطنون، ليبلغ عدد المصابين الإسرائيليين خلال اليومين الماضيين خمسة. وذكرت «القناة 13» العبرية، ظهر أمس، أن سيدة فلسطينية نفّذت عملية دهس وحاولت تنفيذ عملية طعن قرب قرية حزما شمال شرق القدس المحتلة، ما أسفر عن إصابة أحد جنود جيش العدو. ويقول مصدر، لـ«الأخبار»، إن العملية استهدفت قوة راجلة إسرائيلية كانت تحرس جرّافات وآليات تعمل على شقّ شارع استيطاني وتوسعة أراضٍ عند مفترق قرية حزما، حيث شرع الاحتلال في شقّ الشارع بعرض يبلغ 16 متراً منذ عدّة أيام، وأقام خيمة عسكرية في المكان. ومُنفّذةُ العملية، الشهيدة مي خالد عفانة (29 عاماً)، من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة. تبلغ من العمر 29 عاماً، وهي طالبة دكتوراه في تخصّص الصحة النفسية، وطبيبة تعمل في مركز لعلاج الأطفال الذين يعانون من مشكلات في النطق. درست عفانة في جامعة القدس في أبو ديس، ثمّ واصلت تعليمها في جامعة مؤتة الأردنية، وهي متزوّجة وأمّ لعدّة أطفال، وتعمل محاضِرة في «أكاديمية الاستقلال» في مدينة أريحا. وتبدو الشهيدة متأثّرة بالمقاومة وحديث الشهادة والشهداء، إذ كتبت على صفحتها خلال معركة «سيف القدس» الشهر الماضي: «سوف نبقى هنا فإمّا شهادة وإمّا نصر». كما خطّت منشوراً آخر أرفقته بصورة لطفل جريح يبكي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، جاء فيه: «يا صغيري دمعتك أطهر من ماء زمزم، نحن شعب نرفض أن يُقال عنا لاجئين ونازحين، هي عيشة واحدة إمّا بكرامة أو أعدمونا واهدموا البيوت فوق رؤوسنا، سوف ننجب الأطفال حتى لو علِمنا أنهم شهداء في المستقبل، سوف ندرّس الكرامة للعالم أجمع».
استهدفت عملية حزما قوة راجلة إسرائيلية كانت تحرس جرّافات تعمل على شقّ شارع استيطاني


وسبقت عملية حزما موجة مواجهات غير معتادة في الضفة الغربية والقدس وعلى حدود قطاع غزة، على خلفية تنظيم المستوطنين لما يُسمّى «مسيرة الأعلام» التي جرى تأجيلها مرّتين بسبب تهديدات فصائل المقاومة الفلسطينية. وعلى رغم انطلاق «مسيرة الأعلام» فعلياً على الأرض أوّل من أمس، إلا أن العدو مُني بخيبات كثيرة فيها، وبدا خلالها متراجعاً أمام تهديدات الفصائل، التي أجبرته على تغيير مسار المسيرة لأوّل مرّة في تاريخه، بعدما كانت تمرّ سنوياً عبر البلدة القديمة في القدس وصولاً إلى المسجد الأقصى، ليَظهر هذه المرّة أن ثمّة قراراً واضحاً بعدم دخولها بوّابات البلدة القديمة نهائياً. كذلك، يبدو من التعزيزات العسكرية للاحتلال أنه خصّص جندياً لحماية كلّ مستوطنَين اثنين، إذ بلغ عدد المشاركين في المسيرة نحو 5 آلاف، فيما حشدت السلطات الإسرائيلية قرابة 2500 شرطي لتأمينها، عدا عن ضباط «الشاباك» وعناصره وغيرهم.
واستبقت شرطة العدو «مسيرة الأعلام» بفرض طوق أمني وحصار مشدّد على عدّة شوارع ومناطق من بينها ساحة باب العامود ومحيطها، لكن هذا لم يمنع اندلاع مواجهات هي الأعنف في القدس منذ هَبّة باب العامود في رمضان الماضي، حيث اعترفت شرطة الاحتلال بإصابة اثنين من عناصرها. وتركّزت المواجهات في عدّة شوارع وأحياء في محيط البلدة القديمة، من بينها: شارع الزهراء، شارع صلاح الدين، باب العامود، وباب الساهرة، فيما كان أعنفها في شارع صلاح الدين، حيث هاجم عشرات الفلسطينيين بالحجارة مبنى وزارة القضاء الإسرائيلية، وتضرّرت حافلة إسرائيلية في المكان، فيما وثّقت مقاطع فيديو سقوط أحد جنود «وحدة الخيّالة» الإسرائيلية وهروب رفاقه خلال إمطارهم بالحجارة. في السياق ذاته، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية عن إخلاء كلّ العاملين في وزارة القضاء في القدس بسبب هجمات جماعية فلسطينية بالحجارة. وعلى رغم تشديد القيود الإسرائيلية مع توافد المستوطنين إلى ساحة باب العامود وأدائهم «رقصة الأعلام»، إلا أن سيدة وشباناً تمكّنوا من رفع أعلام فلسطين في وجه المستوطنين، ما أدى إلى اعتقال السيدة هالة أبو غربية وعدد من الشبان.
الضفة الغربية التحمت أيضاً مع القدس، وشهدت عدّة مواجهات ومسيرات في مناطق مختلفة. إذ انطلقت مسيرتان عند المدخلَين الشماليَين لمدينتَي البيرة وبيت لحم، تخلّلتهما مواجهات مع قوات العدو، فيما شهدت عدة مناطق أخرى مواجهات مثل بلدات عزون شرق قلقيلية، حوسان غرب بيت لحم، مخيم العروب شمال الخليل، جبل صبيح جنوب نابلس. وأكدت صحيفة «معاريف» العبرية إصابة مستوطنَين اثنَين رشقاً بالحجارة قرب بلدة عزون شرق قلقيلية، فيما قالت مصادر محلية إن جيش الاحتلال أغلق بالسواتر الترابية المدخل الرئيس للبلدة وفرض إغلاقاً على المداخل الأخرى، وشرع بدَهم عدّة بيوت ومحلات تجارية، واستولى على تسجيلات كاميرات مراقبة.