القاهرة | مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر «برلين 2» الذي تستضيفه ألمانيا نهاية الشهر الجاري، يتَّجه طرفا النظام الجديد في ليبيا: رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، نحو تمديد مدّة ولايتيهما في ظلّ استمرار الانقسامات، فيما يحاول كل منهما انتزاع صلاحيات الآخر تدريجياً، وسط مساعٍ إلى حشد الدعم الدولي من أطراف كثيرين، في مقدِّمهم دول الخليج وتركيا، إلى جانب الدول الأوروبية. وتعكس جولات المنفي والدبيبة الخارجية المكثّفة، وزيارتهما للعواصم الأوروبية والخليجية والعربية نفسها رغبةَ الرجلَين في الحصول على ثقة الدول الفاعلة في الملف الليبي، وخصوصاً في ظلّ تزايد الانقسام حول آلية إجراء الانتخابات، والقاعدة الدستورية التي ستُعتمد إذا اتُّفق على الالتزام بالموعد المحدَّد للعملية الانتخابية في الـ 24 من كانون الأول المقبل.في هذا الوقت، يحاول البرلمان، برئاسة عقيلة صالح، إثبات وجوده من خلال جلسة يعقدها، الاثنين المقبل، في مدينة طبرق، يهدف من ورائها إلى مناقشة ملفّ المناصب السيادية، بعد الوساطة المغربية التي أسفرت عن حلحلة مبدئية في ملفّ الترشيحات، وأبرزها: رئيس مفوضية الانتخابات، ومحافظ المصرف المركزي. وعلى رغم عرقلته الموافقة على موازنة الدولة للسنة المالية 2021، في انتظار تطبيق التفاهمات التي جرى التوافق عليها في الأيام الماضية، يسعى البرلمان إلى إبراز دوره في المرحلة الحالية عبر التأكيد على رغبته في إجراء الانتخابات في موعدها المحدَّد، ولا سيما أن الاجتماعات التنسيقية التي تجرى برعاية أممية أخفقت في الاستقرار على القاعدة الدستورية المقرَّر اعتمادها، فضلاً عن آلية انتخاب الرئيس من طريق الاقتراع المباشر، أو من خلال تصويت مجلس النواب، كما يرغب معظم أعضاء التيار الإسلامي. وتشهد موازنة الدولة أزمة داخل أروقة المجلس الذي لم يعتمد منها سوى بند الرواتب، بينما يستكمل مناقشة تقسيمها على الأقاليم الثلاثة، في وقت يسعى فيه بعض النواب إلى تمرير امتيازات خاصة بالأقاليم التي ينتمون إليها من أجل تحقيق مكاسب انتخابية.
وفي مجال انتزاع الصلاحيات، جاء طلب رئيس المجلس الرئاسي الليبي ــــ بصفته القائد الأعلى للجيش ــــ المُرسل إلى غرفة العمليات المعنية بتأمين طريق سرت ــــ الجفرة وفتحها وإعادة تمركز القوات عليها، في وقت فشلت فيه اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في التوصل إلى آلية لفتح الطريق الرابط بين مدينتَي مصراتة وسرت، والمغلق منذ عام 2019 على خلفية الاشتباكات العسكرية بين قوات «حكومة الوفاق»، وقوات المشير خليفة حفتر. ويشكّل الطريق محوراً مرورياً مهمّاً يربط شرق ليبيا بغربها، وتسبّب إغلاقه في العديد من الحوادث المرورية على طرق غير مؤهلة وفرعية، فيما تتمسّك غرفة العمليات بانسحاب قوات حفتر من سرت لفتح الطريق، وهو ما رفضه المشير باعتبار أن سرت مدينة محورية لقواته لا يمكن الانسحاب منها.