القاهرة | لم تكن التغييرات المُعلَنة في قيادات «المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية»، التي تمتلكها المخابرات العامة المصرية، سوى جزء من مشهد يجري إعداده للعام المقبل، مرتبط بتصعيد شباب «البرنامج الرئاسي» وغيرهم من القيادات الشابة التي تبنّتها المخابرات وعملت على تصديرها. وتبدو مهمّة القيادات الحالية واضحة ومحدّدة: تصحيح الأوضاع، والاستعداد للموسم الرمضاني المقبل، وتقديم أعمال تتناسب مع طبيعة المرحلة، خاصة في ظلّ ضعف العائدات، فضلاً عن تقييم جميع أوجه الصرف والإنفاق، والتعاون مع قيادات جديدة يجري تعيينها بينها أشخاص تمّ إقصاؤهم منذ سنوات أو عملوا في الظلّ.وعلى رغم مرور نحو شهرين على زيادة رواتب بعض العاملين، لا تزال هذه الزيادات تثير غضباً لدى كثيرين بسبب تفاوتها، علماً بأن بعض مَن سيجري استبعادهم زادت رواتبهم بنسب تفوق 30%. وعليه، سيُراجع بعض تلك الاختلالات غير المبرّرة المستشارُ القانوني محمد سمير، الموجود بالفعل في المجموعة منذ سنوات، والمكلّف بمراجعة العقود. ومن خلال المراجعات المالية، برز التفاوت الرهيب في الأجور حتى بين المذيعات أنفسهم؛ فمن بين الملاحظات التي وردت في تقرير أعدّته المراجعة المالية، حصول المذيعة خلود زهران التي سبق أن قدّمت جلسات «اسأل الرئيس» على راتب يزيد على 80 ألف جنيه، وهو أعلى ممّا ناله زملاؤها الذين يعملون ساعات أطول، كما يبلغ راتبها ضعف متوسّط الأجور على رغم عملها ستّ ساعات فقط أسبوعياً في برنامج صباحي محدود المشاهدة، إلى جانب رصد زيادة في رواتب بعض العاملين في إدارات محدّدة دون غيرهم. ويعود التدقيق المالي، في جزء منه، إلى شكاوى متفرّقة وصلت جميع العاملين في المجموعة، بِمَن فيهم القيادات، من شخصيات استقالت أو أُجبرت على الاستقالة. ومن المفترض أن تكون هناك مراجعة أيضاً لمواقف الخارجين والوافدين في الأشهر الستّة الأخيرة وزيادات الرواتب، عبر رئيس مجلس الإدارة حسن عبد الله، وعضو المجلس أشرف سالمان، وهما المعنيّان بالجانب المالي.
أثارت الزيادات الأخيرة في الرواتب جدلاً كبيراً بسبب التفاوت الرهيب فيها


وبالعودة إلى المهمّة الانتقالية التي يقودها عبد الله وسالمان مالياً، يبدو أن شباب «الرئاسي» الذين يتلقّون تدريبات مكثّفة حالياً، هم أنفسهم الذين سيتمّ اختيارهم في الصف الثاني، على أن تُستبدل قيادات الإعلام التي عملت مع الأنظمة السابقة بشخصيات أخرى أصغر في العمر وعلى نحو تدريجي، والشرط أن يكون ولاؤها الأساسي للمخابرات. أمّا الموعد المقترح لهذه التغييرات فهو صيف 2022، بعد الانتهاء من إغلاق عدد من الملفّات المفتوحة، مع توقّعات باستعادة أموال أخرى والتدقيق في ملفّات ستضْمن ترشيد النفقات والتقليل من الهدر المالي، حتى مع التوسّع المتوقّع في الإنتاج خلال الشهور المقبلة. ووفق المصادر، من المقرّر إعادة هيكلة النفقات لاستيعاب عدد أكبر من العاملين مقابل ميزانيات أقلّ. وما تريده المخابرات من «المتحدة» أن تكون المجموعة بديلاً من مؤسسات الإعلام التقليدي التي بدورها سيجري العمل على التخلّص منها، سواء الإصدارات المطبوعة التي ستتحوّل إلى إلكترونية مع الاستمرار في وقف التعيينات فيها، أو حتى «ماسبيرو» الذي يتواصل التراجع في دوره مع خروج أعداد كبيرة من العاملين فيه من دون تعيين بدلاء لهم. وستكون «المتحدة»، التي أخذت على عاتقها إنشاء صندوق لرعاية العاملين في المجال الإعلامي، الجهة المسؤولة مستقبلاً عن توظيف الصحافيين والإعلاميين في مصر، في احتكار تجري صياغته بصورة مناسبة لتقديمه إلى الرأي العام.