بالرغم من الحرص الاميركي الرسمي على تجنب استخدام مصطلح «دولة ابارتهايد» في مقاربة حل القضية الفلسطينية، لما ينطوي عليه من انتقاد قاس للسياسة الاسرائيلية، وتفاديا لمقارنتها بالسياسة التي اعتمدتها في السابق حكومة جنوب افريقيا ضد مواطنيها السود، حذر وزير الخارجية الاميركية جون كيري، من أنه إذا لم يتحقق حل الدولتين، فقد تتحول اسرائيل الى دولة فصل عنصري.
استخدام هذا التعبير، وإن أتى ضمن سياق التعبير عن القلق على مستقبل اسرائيل، إلا انه يعبر عن استياء الادارة الاميركية مما آلت اليه المفاوضات الاسرائيلية، وخاصة أنه تزامن مع انتهاء الموعد الذي كان مقررا للجولات التفاوضية التي بدأت قبل تسعة اشهر، من دون الاتفاق على تمديدها. الامر الذي دفع المبعوث الاميركي مارتن انديك، الى مغادرة اسرائيل من دون تحديد موعد لعودته الى المنطقة.
مواقف كيري، التي عبر فيها عن تقديراته ومواقفه ازاء المفاوضات الاسرائيلية، اتت استنادا الى الموقع «ديلي بيست» الاميركي، امام ممثلين وخبراء رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وغرب اوروبا وروسيا والصين. وقال كيري «من الواضح أن حل الدولتين هو البديل الحقيقي الوحيد»، مفسرا ذلك بأن الدولة الواحدة يمكن ان تتحول الى «دولة ابارتهايد مع مواطنين من الدرجة الثانية، او دولة لا تملك القدرة على ان تكون دولة يهودية».
مكتب
نتنياهو أطلق
حملة إعلامية كبيرة
ضد أبو مازن
مع ذلك، لمّح كيري ايضا الى انه على الرغم من تعليق الاتصالات السياسية، من المحتمل أن يقدم في المستقبل القريب، مخطط اتفاق سيبلوره بنفسه ويقدمه كانذار امام الاطراف لقبوله او رفضه، بهدف الدفع للتوصل الى اتفاق.
وقال كيري إن «اربعة عشر الف وحدة سكنية جديدة أُعلن عنها منذ أن بدأنا في المفاوضات»، مقرا بأنه «من الصعب جدّا على كلّ زعيم أن يتفاوض تحت هذه السحابة»، كما حذر من أن يؤدي فشل المفاوضات الى انفجار العنف من قبل الفلسطينيين ضد اسرائيل.
وفي محاولة منها لاحتواء مفاعيل محتملة للكلام الذي ادلى به كيري، في الساحة الاسرائيلية، اوضحت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جين ساكي، للموقع الاميركي «ديلي بيست»، أن وزير الخارجية كرر المواقف التي عبر عنها قادة اسرائيليون، كما فعلت وزيرة القضاء تسيبي ليفني ورؤساء حكومات سابقون، مثل ايهود اولمرت وايهود باراك، كما تحدث عن المستقبل الذي يطمح اليه الاسرائيليون والفلسطينيون.
في هذه الاجواء، غادر المبعوث الاميركي الخاص بالمفاوضات مارتن إنديك اسرائيل. وذكرت صحيفة «هآرتس» ان من المقرر ان يشارك انديك في المشاورات التي تجريها الادارة الاميركية خلال الاسابيع المقبلة حول الموضوع، بعد عودة كيري من جولته الافريقية.
ولفتت «هآرتس» الى وجود خلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة بشأن حكومة التكنوقراط المزمع تأليفها في اعقاب المصالحة بين حركتي حماس وفتح. ففي الوقت الذي ترى فيه الولايات المتحدة انه إذا التزمت الحكومة الجديدة هذه الشروط، فلا مانع من التعاطي وتجديد المفاوضات معها، تعارض اسرائيل ذلك، وترفض اي شكل من اشكال التعاون طالما لم تعترف حماس منفردة بشروط اللجنة الرباعية. وقدرت الصحيفة الاسرائيلية انه «في حال قيام حكومة تكنوقراط فلسطينية، فإن اسرائيل ستتعرض لضغط اميركي واوروبي من اجل الاعتراف بهذه الحكومة والتعامل معها».
وعلى صعيد السياسة الدعائية الاسرائيلية، ذكرت صحيفة «معاريف» بأن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بدا حملة اعلامية كبيرة ضد الرئيس ابو مازن في العالم، ردا على اتفاق المصالحة مع حركة حماس، ببث مقطع فيديو قصير حمل عنوان «تهرب عباس من عملية السلام أكثر من مرة». والذنب الذي ارتكبه عباس، بحسب الحملة الاسرائيلية، أنه رفض الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، واشترط وقفاً كاملاً للاستيطان، والإفراج عن الأسرى لتمديد المفاوضات.
ورجحت مصادر سياسية إسرائيلية أن تتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط من المجتمع الدولي بعد تأليف الحكومة الفلسطينية الجديدة، مشيرة إلى «ضرورة تهيؤ إسرائيل لهذه الضغوط وعدم الرضوخ لها».
واتهمت المصادر الإسرائيلية ذاتها، الإدارة الأميركية، بـ «إبداء موقف ضعيف تجاه الاستفزازات التي يمارسها أبو مازن»، مشيرة إلى أن موقف واشنطن «يتعارض مع التزامات سابقة قطعتها لإسرائيل». وأشارت إلى أن إسرائيل «بدأت إجراء اتصالات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي، في محاولة منها لممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية».
الى ذلك، ارجأت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تنفيذ الخرائط الهيكلية للقرى الفلسطينية الواقعة في المنطقة المصنفة «ج»، وذلك في خطوة عقابية على تقدّم القيادة الفلسطينية بطلبات الانضمام للمؤسسات الدولية.