القاهرة | بدأت الحكومة المصرية العمل على تطبيق آلية جديدة للاقتراض بما لا يُحمِّل موازنة الدولة أعباء رقمية إضافية، في ظلّ التوسُّع غير المسبوق الذي شهدته سياسة الاقتراض منذ وصول الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى السلطة في عام 2014. وباتباع الآلية الجديدة، يصبح الاقتراض، سواء من الأسواق الدولية أو المصارف، عبر المرافق العامة والشركات مباشرةً، بدلاً من الحكومة.[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
هذه السياسة الجديدة التي سيجري تطبيقها ابتداءً من العام المقبل، استلزمت إدخال تعديلات جوهرية على قانون رأس المال، يُتوقَّع أن يُقرَّها البرلمان قريباً، بما يتيح للشركات العامة الاستدانة وإصدار السندات بضمان هذه الشركات، سواء في ما يتعلّق بالإيرادات المالية المتوقَّعة سنوياً، أو بالعائد المالي من الخدمات، وهو ما سيسمح برفع الأسعار وتحريكها، فضلاً عن اضطرار الجهات (الشركات/ المرافق) - حالَ تعثُّرها - إلى بيع أصولها أو القبول بشراكة المستثمرين. أمّا أبرز الجهات التي يُتوقَّع أن تلجأ إلى الاقتراض، فهي: هيئة السكك الحديد، وشركة المترو، بالإضافة إلى شركات أخرى مرتبطة بقطاعات خدميّة (الكهرباء والنقل)، علماً بأن أسعار الخدمات ستتأثّر بشكل كبير مع اضطرار هذه الجهات لتحقيق أرباح ثابتة كعائد سنوي حتى مع اختلاف معدّلات التشغيل، فضلاً عن عدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع الأزمات الطارئة وما تستلزمه من إجراءات يُحتمل أن تدفع نحو تراجع العائدات، على غرار ما حدث أثناء أزمة وباء "كورونا". وعلى رغم إمكانية دخول وزارة المالية كضامن لهذه السندات لتجنُّب حصول المستثمرين على قرارات بالحجز على أصول الشركات في حال تعثُّرها، فإن الأزمة الحقيقية تكمن حالَ رفض الوزارة الدخول كضامن، وهو ما سيجعل بعض المرافق رهينةَ مجموعة مستثمرين قد يرفضون بيع السندات عند التعثُّر، ويتمسّكون بالحجز على الأصول.
حافظ "المركزي" على مستويات الفائدة مرتفعة على رغم تراجع التضخّم


ويأتي التوسُّع في الاقتراض متزامناً مع تخصيص ثُلث الموازنة الجديدة تقريباً، لسداد القروض وفوائدها مع استمرار تلقّي مزيد من القروض. وبعد زيارة استغرقت أسبوعين، وتضمّنت مراجعات مع الحكومة المصرية في شأن الأداء الاقتصادي في العام المالي المقبل الذي يبدأ مطلع تموز/ يوليو، سيتيح "صندوق النقد الدولي" الشريحة الأخيرة من القرض الذي منحه لمصر مع بداية أزمة "كورونا" بقيمة 5.2 مليارات دولار، والتي تصل قيمتها إلى 1.6 مليار دولار، وسط توقّعات بارتفاع معدّل النموّ، في العام المالي المقبل، إلى 5.2%، نظراً إلى التعافي الجزئي من الأزمة الوبائية. كذلك، حصل مسؤولو "صندوق النقد" على تعهُّد من محافظ المصرف المركزي، طارق عامر، بالتدخّل في سعر الصرف في حال حدوث تغييرات، بما يتيح مرونةً أكبر للتحكُّم في سعر الصرف وعدم التقيُّد بالسعر الحالي أو حتى السعر الاسترشادي الذي وضعته الحكومة في خطّتها المالية مع اتّجاه لزيادة أسعار المحروقات مرة أخرى مطلع تموز المقبل بنسبة 10% للتعامل مع الزيادة التي طرأت على أسعار النفط، وبما يتناسب مع التوقُّعات من العائدات الاقتصادية الحكومية في الفترة المقبلة.
وحافظ المصرف المركزي على مستويات الفائدة مرتفعةً، على رغم تراجع التضخّم خلال الأشهر الماضية، وسط تأكيده أن هذا الإجراء موقّت ومرتبط بالارتفاع المتوقَّع للتضخّم بحلول تموز المقبل، مع زيادة أسعار الخدمات الأساسية والمرافق التي أقرّتها الحكومة بالتزامن مع صرف العلاوات الدورية لموظّفي الحكومة. وتضمّنت خطة الحكومة التي عرضتها على "صندوق النقد" التوسُّع في تعزيز التحوّل الرقمي وإدماج الاقتصاد غير رسمي - بقيمة تتجاوز المليار دولار - في الاقتصاد الرسمي، بهدف تسديد الضرائب للشركات والمصانع غير المسجّلة ضريبياً، في وقت يُتوقَّع فيه أن تصل نسبة النمو، بحلول نهاية العام المالي الحالي، إلى 2.8%، مع توقُّع زيادة مطّردة في عائدات السياحة حتى نهاية 2021 في ظلّ الإقبال على المقاصد السياحية المصرية، والذي تقول وزارة السياحة إنه تزايد بشكل لافت في الأسابيع الماضية.