خرج الناس من مساكنهم بعد معركة مضنية بحثاً عن فرص الحياة
أيضاً، بعد أقلّ من يوم واحد، أقام الشاب سامي، أرجوحة حديدية أكلها الصدأ، داخل شارع ضيّق في مخيم خانيونس جنوبي القطاع كوسيلة لتحصيل الرزق، حتى لو قليلاً، بعد انقطاع دام عشرة أيام عن العمل، مع أن اليوم الأول لعيد الفطر كان يوم عمل على رغم الحرب، عقب إصرار الأطفال على الفرح وألّا يؤجّلوا العيد بسبب القصف. يدفع سامي أرجوحته بيدَين راجفتَين، ويرفض الحديث عن شيء. كان واضحاً أنه متوتّر وسط زحمة الأطفال حوله. تحاول صفاء حمدان (10 أعوام) الاحتفال على طريقتها بانتهاء الحرب، فتتقلّد مقعداً برفقة شقيقتها فوق الأرجوحة المتهالكة التي أقامها سامي والضحكة مرسومة على وجهيهما. تقول الطفلة بعد أن دفعت أجرة الركوب (شيكل واحد) لكلّ منهما، إن أمّها منحتها تذكرة الأرجوحة لأنها لا تستطيع اصطحابها وأختها إلى مراكز الترفيه التي تحتاج الكثير من المال. وتضيف: «أبي متعطّل عن العمل ولا يقدر على دفع تذاكرها».
في مكان ثانٍ، تحت مظلّة مطلّة على شاطئ بحر غزة، حملق مهدي طيبي وطفلتاه الوحيدتان في قرص الشمس وهو يتسلّل إلى الماء. قرر اصطحابهما وزوجته إلى الشاطئ «لأن البحر هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يكون باعثاً على الهدوء والراحة»، كما قال. وأضاف طيبي، وهو عامل بأجر يومي: «إحدى طفلتيّ التوأمين تعاني من قلق شديد نتيجة الحرب، وتفزع خلال نومها... نحن نعيش من أجل هؤلاء الأطفال، ومن حقهم علينا أن نراعي مشاعرهم رغم أن تكلفة الجلوس في هذا المكان تفوق أجرة عملي اليومية (30 شيكل، ما يقارب 8 دولارات أميركية)». كلّ تلك المشاهد كفيلة بأن تؤكد أن الناس هنا أخذوا على عاتقهم تضميد جراحهم بأنفسهم، مع أن ذلك لا يكفي للتخفيف من آثار هذه الحرب، التي تستدعي وجود برامج صحّية للتفريغ النفسي والعاطفي والحدّ من آثار ما بعد الصدمة.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا