أجرت سوريا، أمس، الانتخابات الرئاسية خارج البلاد، في عدد كبير من سفاراتها وقنصليّاتها المتوزّعة على دول العالم، باستثناء عدد قليل من الدول التي قرّرت حكوماتها منع إجراء الانتخابات، ولا سيما السعودية وقطر وألمانيا، حيث يوجد عدد كبير من المواطنين السوريين. وسارت عملية الانتخاب بسلاسة ومرونة في غالبية العواصم، باستثناء لبنان، حيث اعتدى بعض اللبنانيين على مواكب السوريين المتوجّهين إلى سفارة بلادهم، وأيضاً في ألمانيا حيث مُنعت الانتخابات قبل يومين فقط من موعدها، ما دفع عدداً من السوريين إلى تنظيم تجمعات وتظاهرات احتجاجية
سجّلت العواصم الأوروبية، وعدد من المدن والعواصم في دول العالم، إقبالاً لافتاً من المغتربين السوريين على مقارّ سفارات بلادهم، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، في ظلّ منْع كلّ من تركيا وألمانيا السوريين على أراضيهما من المشاركة في العملية، في خطوة لاقت تنديداً رسمياً سورياً. وشهدت أبواب السفارات السورية في مختلف بلدان العالم ازدحاماً للسوريين المشاركين في اختيار رئيس للبلاد، على رغم الإجراءات الخاصة التي تتبعها غالبية الدول لمنع انتشار فيروس «كورونا».
وبدت لافتة مشاركة أعداد كبيرة من السوريين المقيمين في فرنسا في الانتخابات، بعد قرار السلطات الفرنسية السماح للسفارة السورية في باريس بفتح صناديق انتخابية داخل مقرّ البعثة الدبلوماسية في العاصمة. ونشر عدد من الناشطين صوراً ومقاطع مصوّرة عن المشاركة الفاعلة للسوريين المقيمين في فرنسا، ولمسيرات رُفع فيها العلم السوري أمام مبنى السفارة. تشير السورية المقيمة في فرنسا، ديمة حسن، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنها «حضرت إلى مقرّ السفارة السورية في باريس، ومارست حقّها وواجبها الدستوري باختيار رئيس للبلاد»، مضيفة إنها «تجد في شخص الرئيس بشار الأسد ضماناً لعودة الأمان والاستقرار والبناء للبلاد». ويعتبر منير حسن، من جهته، أن «السوريّين عبّروا من خلال مشاركتهم في الانتخابات عن انتمائهم الوطني وتمسّكهم بالثوابت الوطنية».
وفي السويد، شهدت السفارة السورية في العاصمة السويدية استوكهولم إقبالاً للسوريين المقيمين في المملكة، على رغم تعرّضهم لمضايقات، بالإضافة إلى قرصنة حسابات السفارة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكّد القائم بأعمال السفارة السورية في السويد، تميم ملكو، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «السويد كانت من أهمّ المحطّات الانتخابية السورية في الخارج، على رغم العراقيل التي حصلت، وتمثّلت في منع إدارة البناء الذي تقع فيه السفارة من افتتاح صالة لاستقبال السوريين، لكن تمّ تجاوز ذلك بإدخال المواطنين تباعاً إلى مقرّ السفارة، وممارسة حقهم في الانتخاب». وكشف ملكو أنه «تمّ تهكير حسابات السفارة وحسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدّى الى تعثّر التواصل مع دمشق، ونقل مجريات الانتخابات ببثّ مباشر»، لافتاً إلى أن «السوريّين في السويد شاركوا بشكل فاعل ولافت في الانتخابات، ومارسوا حقهم في انتخاب رئيس لبلادهم». وأشار داريوس فيلو، وهو سوري يقيم في ستوكهولم، إلى أنه «أدّى واجبه تجاه الوطن، ومارس حقه في اختيار رئيس لبلاده، كمسؤولية وطنية لكلّ مغترب تجاه بلاده»، مضيفاً إن «ثقة المغتربين إنما هي بشخص الرئيس بشار الأسد، في قيادة سوريا إلى برّ الأمان، وإعادة بنائها وإعمارها من جديد».
أمّا في موسكو، فقد نَظّم عدد من الفاعليات والجمعيات السورية رحلات من المدن الروسية باتجاه العاصمة موسكو، لإتاحة المجال لكلّ السوريين الراغبين في المشاركة في الانتخابات لممارسة حقهم الانتخابي. وأكد الكاتب والصحافي السوري المقيم في روسيا، نواف إبراهيم، لـ»الأخبار»، أن «مبنى السفارة السورية في موسكو شهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً للسوريين المقيمين في روسيا لممارسة حقهم الانتخابي، على رغم الترامي الجغرافي لروسيا الممتدّة على 17 مليون متر مكعّب»، معتبراً أن «الانتخابات مرحلة مهمّة من تاريخ سوريا، من خلال مشاركة الشعب السوري في تحديد مصير ومستقبل البلاد». وبيّن إبراهيم أن «منْع كلّ من ألمانيا وتركيا السوريين من ممارسة حقهم في الانتخاب، مخالف للاتفاقيات الدولية والمعاهدات الدبلوماسية في فيينا»، عادّاً في المقابل «موافقة فرنسا على إقامة الانتخابات دليلاً على تحوّل في المواقف الدولية والإقليمية تجاه دمشق».
خرج عدد من أبناء الجالية السورية في ألمانيا في تظاهرات رفضاً لقرار منع الانتخابات


وفي بلجيكا، شهدت السفارة السورية في العاصمة بروكسيل إقبالاً للسوريّين المقيمين في بلجيكا وهولندا وألمانيا، للمشاركة في الانتخابات، مع تنظيم روابط المغتربين السوريين في تلك البلدان رحلات من المدن والدول لإتاحة الفرصة أمام الراغبين في الإدلاء بأصواتهم. وأكّدت منال السيد، العاملة في البعثة الدبلوماسية السورية في بروكسيل، في حديث إلى «الأخبار»، أن «السفارة قدّمت كلّ التسهيلات اللازمة لأبناء الجالية لتمكينهم من ممارسة حقهم الانتخابي، واختيار مَن يرونه مناسباً ليكون رئيساً للبلاد». وأشارت السورية إيفت شامير إلى أنها قطعت مسافات واسعة من هولندا إلى مقرّ السفارة السورية في بروكسيل للمشاركة في التصويت، معتبرة أن «هذا هو أقلّ ما يمكن أن يقدّمه المغتربون من مساهمة في دعم استقرار وإعادة إعمار بلادهم، من خلال اختيار الشخص الأنسب لقيادة البلاد».
وفي ألمانيا، خرج عدد من أبناء الجالية السورية في تظاهرات رفعوا خلالها الأعلام السورية وصور الرئيس بشار الأسد، للتعبير عن استنكارهم قرار السلطات الألمانية حظر إجراء الانتخابات. ورأى الإعلامي السوري، كيفورك ألماسيان، أن السلطات الألمانية «راهنت على أنه لن يأتي للمشاركة في الانتخابات إلا أعدادٌ قليلة، يقابلهم الكثير من المحتجّين المعارضين، للإيحاء بأن غالبية السوريين في ألمانيا ضدّ الدولة السورية»، لكن ما حدث هو أن «الحكومة الألمانية تيقّنت بعد النشاط اللافت للسوريين تأييداً للانتخابات، من أن أعداداً كبيرة من السوريين سيحضرون إلى مقرّ السفارة للمشاركة في الانتخابات... الأمر الذي دفعها إلى منع إقامة الانتخابات قبل يومين فقط من موعدها بدون تقديم أيّ مبرّر». وفي هذا السياق، دان مصدر في الخارجية السورية «قرار الحكومة الألمانية حرمان المواطنين السوريين المقيمين في ألمانيا من حقّهم الدستوري في المشاركة في الانتخابات الرئاسية»، معتبراً أن «هذا القرار الجائر يشكّل انتهاكاً سافراً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، واعتداءً فاضحاً على حقوق وحرية السوريين».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا