للأسبوع الثاني على التوالي، منعت الشرطة الجزائرية، اليوم، مسيرة الطلاب التي اعتادوا تنظيمها كل ثلاثاء منذ استئناف مسيرات الحراك نهاية شباط. وحالَ الانتشار الكثيف للشرطة في الساحات والشوارع الكبرى في وسط العاصمة دون إمكانية إقامة أي تجمع أو مسيرة، بالرغم من محاولة الطلاب تغيير مكان انطلاق المسيرة من ساحة الشهداء إلى شارع ديدوش مراد.
واعتقلت قوات الشرطة عشرات الأشخاص منذ الصباح، بينهم طلاب وأساتذة الذين عادة ما يقودون المسيرة وأبرزهم الطالب عبد الرحمان آيت سعيد، الذي سبق وتمّ اعتقاله وإطلاق سراحه عدة مرات. كما حاصرت الشرطة مسجد الرحمة الذي يُعد من أهم نقاط انطلاق تظاهرة الجمعة، قبيل صلاة الظهر لمنع مشاركة المصلين في مسيرة الطلاب. وطلبت قوات الشرطة أيضاً من الصحافيين الذين حضروا لتغطية التظاهرة مغادرة المكان مؤكدة أنه «لن يكون هناك مسيرة اليوم».

وكانت وزارة الداخلية الجزائرية، أوقفت، أمس، 230 إطفائياً عن العمل لمشاركتهم في تظاهرة يوم الأحد الفائت، كما قررت ملاحقتهم قضائياً «طبقا لأحكام المادة 173 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية» التي تمنعهم من حق الإضراب والتظاهر. كما دعت الوزارة في بيان جميع المنتسبين للسلك إلى «عدم الانسياق وراء الدعوات المغرضة لزعزعة استقرار هذه المؤسسة العمومية النظامية».

وعلى خلفية ذلك، وجّه الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الأحد الفائت، خلال اجتماع لمجلس الوزراء أمراً يقضي ببدء حوار مع الشركاء الاجتماعيين بهدف تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية، وذلك في خطوة لتهدئة التوتر المتصاعد جراء تدهور ظروف العيش.

والجمعة الفائت، وخلال تنفيذ محتجين لتظاهرة الحراك الكبرى في موعد أسبوعي، فرّقت الشرطة المتظاهرين بالقوة بعد تناقص أعدادهم في نهاية المسيرة. وذكر الموقع المتخصص في إحصاء المعتقلين «ألجرين ديتنيز» أن ستة وستين من سجناء الرأي الذين حوكموا على خلفية الحراك و/ أو الحريات الفردية، مسجونون حالياً في البلاد.

ويأتي حظر التظاهرات مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 حزيران في جوّ من تفاقم الأزمة الراهنة والتوترات الاجتماعية الآخذة في التزايد، إذ تشهد الجزائر معدّل بطالة يُقدر بـ15% وفقراً متزايداً وارتفاعاً في الأسعار، ما يضفي بُعداً اجتماعياً على الأزمة الاقتصادية العميقة والمأزق السياسي المتواصل منذ بدء الحراك الاحتجاجي قبل عامين.

وبدأ الحراك الشعبي في شباط عام 2019 بعد إعلان الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة نيّته الترشّح لولاية رئاسية خامسة. ونجحت الحركة الاحتجاجية في دفع بوتفليقة الذي تخلّى عنه الجيش إلى التنحّي، لكنّها واصلت المطالبة بتغيير النظام القائم منذ استقلال البلاد عام 1962.