حمل الوفد الدبلوماسي التركي الذي وصل القاهرة، أمس، في زيارةٍ هي الأولى من نوعها منذ ثماني سنوات، دعوة رسمية إلى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لزيارة إسطنبول. وترأّس الوفدَ نائب وزير الخارجية التركي، سدات أونال، الذي بدأ بحث عدّة نقاط مع نظرائه المصريين، بعدما جرت جدولة اللقاءات قبل وصوله لتشمل مسؤولين دبلوماسيين إلى جانب آخرين أمنيين. ويُعدّ اللقاء الدبلوماسي بين مسؤولي البلدين الأوّل المباشر، في خطوة تعكس تقدُّماً ملحوظاً في ملفّ العلاقات المصرية ــــ التركية، والاتجاه نحو المصالحة بعد سنوات من الجفاء والعداء وصلت إلى درجة التهديد بالاشتباك العسكري بين البلدين في ليبيا الصيف الماضي، مع انحياز مصر إلى قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومساندة تركيا حكومة فائز السراج.وتأتي دعوة شكري، الذي سبق أن زار إسطنبول مترئّساً الوفد المصري في قمّة "منظمة التعاون الإسلامي" قبل نحو أربع سنوات، في إطار السعي إلى استئناف العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي بشكل كامل، وإعادة تبادل السفراء وتعزيز التعاون الاقتصادي الذي تأثّر بصورة محدودة خلال سنوات القطيعة بين البلدين. في هذا الوقت، لم تعُد لدى مصر طلبات تذكر معلّقة، في ظلّ تنفيذ تركيا معظم مطالبها، وسط تفاهمات حول وضع المرتزقة في ليبيا، وبقاء عدد من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" المطلوبين أمنياً في مصر بأحكام قضائية نهائية، على الأراضي التركية. وهو ما ستتواصل مناقشته لاحقاً، مع إعطاء أولوية للملفّ الليبي على حساب ملف "الإخوان" الذي باتت القاهرة تتعامل معه بشكل هامشي، بعد إسكات الأصوات الإعلامية المعارضة لها، والتي كانت تخرج من تركيا.
سيكون مدير المخابرات، اللواء عباس كامل، على رأس أوّل وفد يزور تركيا بشكل رسمي


وتُبدي القاهرة اهتماماً أكبر بمناقشة ملفّات تراها أكثر أهمية، من بينها طلب وقف التعليق على أيّ أحداث داخلية في مصر، وخصوصاً في ظلّ رصد للانتقاد الرسمي الصادر في حقّ السلطات المصرية، بعد تنفيذ أحكام الإعدام الأخيرة في حق متّهمين في قضايا عنف استهدفت رجال الشرطة والجيش، مع التشديد على ضرورة إلزام جميع المسؤولين، سواء في الحزب الحاكم أو الحكومة، بهذا الأمر، عملاً بمبدأ المساواة. ومن ضمن ما ترغب فيه القاهرة، تعزيز التعاون في القضايا الإقليمية، مع إبداء إمكانية للوساطة في العلاقات مع الخليج ــــ السعودية والإمارات على وجه التحديد ــــ، بينما سيكون مدير المخابرات، اللواء عباس كامل، على رأس أوّل وفد يزور تركيا بشكل رسمي، في خطوة من شأنها أن تعزّز ليس فقط إدارته للملف، ولكن ارتباطاً بالتنسيق الاستخباري الرفيع المتزايد في الأشهر الأخيرة.
ووصلت التفاهمات بين البلدين الى مراحلها الأخيرة، لكن بقيت قضايا أخرى ستناقش لاحقاً، من بينها الغاز في إقليم شرق المتوسط، والرغبة التركية في الانضمام إلى منظمة دول غاز شرق المتوسط، وهي الخطوة التي ستدعمها مصر عبر تفاهمات مع اليونان وقبرص أولاً. وتحمل أجندة المباحثات بين البلدين، خلال الفترة المقبلة، الكثير من التفاصيل التي ستُبحَث في اجتماعات دورية تُعقد مرّة شهرياً على الأقلّ، فضلاً عن زيارات بين مسؤولين ووزراء ستكون منفردة أو مجتمعة، بحسب ما يجري التوافق عليه، علماً بأن شكري سيحمل معه، على الأرجح، دعوة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، لزيارة القاهرة، في خطوة يحتمل أن تتمّ قبل نهاية العام الجاري.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا