حملت مسنّة فلسطينية، صباح أمس، سكين مطبخها، وخرجت إلى أقرب حاجز في بيت لحم. على بعد أمتار منها وقف ثلاثة جنود صهاينة برشاشاتهم متخبّطين في كيفية ردعها. وعلى ما يبدو، فإن الجدة الستينية ارتبكت، إذ لم تكن ممسكة بالسكين بالشكل المناسب للقيام بعملية طعن. ومع ذلك، أطلق جنود العدو نيرانهم عليها، ونُقلت إثر ذلك إلى مستشفى «شعاريه تصيدق» في القدس المحتلة.
وقبل أن يُعلَن عن استشهاد الجدة فهيمة الحروب (60 عاماً) في ساعات المساء، كان شاب فلسطيني قد استفقد رصاصات سلاحه واتخذ قراره بالثأر. توقّفت سيارة الشاب المقاوم عند حاجز زعترة جنوبي نابلس، بالقرب من محطة انتظار الحافلات حيث توجد ثلاث منصات مراقبة، وصرخ «الله أكبر»، قبل أن يفرغ رصاصاته العشر في مجموعة من الجنود ومستوطني العدو، ليصيب ثلاثة منهم إصابات خطيرة.
عمليتان في أقل من 12 ساعة، أتتا بعد أيام من انتهاء مواجهات في القدس استمرت لأسابيع، وتحديداً عند باب العَمود، وبعد ساعات فقط من قرار المحكمة العليا في المدينة بإمهال أهالي حي الشيخ جرّاح أياماً قليلة، لتتفاوض مع المستوطنين الذين أعلنوا بصراحة أنهم يسرقون تلك البيوت من أهلها.

حصول عملية إطلاق النار من مسافة قريبة جداً وفي مكان يخضع للمراقبة الأمنية الدائمة، لا يثبت سوى أن انتفاضة الشعب الفلسطيني مستمرة. واللافت في هذه العملية، التي أُصيب فيها ثلاثة مستوطنين من طلبة المعهد الديني، هو أنها جرت بحضور جنود العدو الذين كان مطلوباً منهم تأمين حراسة الطلبة بينما يستقلّون الحافلة، وفي مكان يخضع للمراقبة بالكاميرات. مع ذلك، تمكن الشاب من الانسحاب بسلام. وهو كما يتوقع الجيش، «من المحتمل أن ينفّذ عملية أخرى في غضون عملية البحث المستمرة عنه، أو أن تنتهي العملية باشتباك مسلح».

رئيس الأركان كوخافي يتفقد موقع الهجوم على مفترق زعترة. (من الويب)


وفي تقارير أولية لجيش العدو وجهاز «الشاباك»، قُدّر أن عملية إطلاق النار عند حاجز زعترة، والتي خلّفت ثلاث إصابات، بينها اثنتان بحال حرجة وخطيرة، نُفذت بإطلاق النار من مسدس، وأن المقاوم على الأرجح كان لوحده أو برفقة آخر في السيارة.

على هذه الخلفية، قدّر محللون إسرائيليون أن تصاعد التوتر في القدس، عقب إعادة الشرطة الإسرائيلية الحواجز إلى منطقة البلدة القديمة، إلى جانب سعي سلطات الاحتلال لإخلاء عائلات مقدسية من بيوتها في حي الشيخ جرّاح وهدمها، كل ذلك قد يجرّ لموجة من العمليات.
وفي هذا الإطار، قال المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، إن «الجيش الإسرائيلي يقدّر أن تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية من شأنه ألا يشعل الوضع في القدس فقط، وإنما الضفة الغربية كلها». أما «الشاباك»، فبحسب يهوشواع فـ«يقدّر أن الفصائل الفلسطينية ستركز على القدس وتحاول إشعال الوضع فيها فقط».

وإثر العملية، عزّز جيش العدو قواته في أنحاء الضفة الغربية خشية من وقوع عمليات شبيهة، معلناً مدينة جنين منطقة عسكرية مغلقة، قبل أن يقتحم عدة قرى وبلدات في محيط مدينة نابلس بحثاً عن منفّذ عملية حاجز زعترة. وخلال ذلك، اندلعت مواجهات عنيفة اعتُقل على إثرها عشرات الفلسطينيين. كما شهدت أراضي الفلسطينيين في محيط نابلس عمليات حرق للأشجار من قبل المستوطنين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا