يسعى رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، إلى تجاوُز العقبات المتزايدة يوماً بعد آخر أمام حكومته، في ظلّ صدامات متعدّدة لم يستطع حسمها حتى الآن، سواء في مؤسسة النفط التي أوقفت التصدير، أو بين القادة العسكريين الذين جرى منعهم من الحديث إعلامياً في محاولة لوقف السجالات والسيناريوات التي يطرحها مقرّبون من اللواء المتقاعد خليفة حفتر عبر الإعلام السعودي، وهي محاولة تبدو ناجحة حتى الآن بتوافق بين الدبيبة ورئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي. في الملفّ العسكري، سئم المنفي والدبيبة من رجال حفتر وظهورهم المتكرّر على الشاشات لإيصال رسائل محدّدة حول قوتهم وسيطرتهم على الأرض، وخاصة بعدما قبل الدبيبة أن يبقي على وزارة الدفاع تحت قيادته، وألّا يعين وزيراً للحقيبة، مع إرجاء نقطة توحيد المؤسسة العسكرية إلى اجتماعات لجنة «5+5» التي تنعقد في سرت. أمّا المنفي، فأصدر قراراً بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بمنع العسكريين من الإدلاء بتصريحات إعلامية إلّا بموافقات مسبقة، في خطوة قوبلت بامتعاض وترقّب، وخاصة أن المقصود بها على وجه التحديد العميد خالد المحجوب، ذراع حفتر اليمنى، الذي يمرّر عبره رسائل عدة على المستوى الإعلامي. كما ناقش المنفي مسألة تأمين الحدود الجنوبية وإحكام السيطرة عليها ولا سيما مع تشاد، وهي خطة سيجري تنفيذها بالتعاون بين البلدين، إذ يُعتقد أن جزءاً من المتمرّدين في تشاد انضمّ إليهم مرتزقة أتراك خلال الأيام الماضية، وهي قضية يجري علاجها على مستوى الاستخبارات بين البلدين بالاشتراك مع فرنسا وأطراف أخرى.الوضع العسكري كان الأبرز أيضاً في تصريحات وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، التي زارت إيطاليا أمس، وطالبت بدعم المجتمع الدولي لحكومة بلادها من أجل «المُضيّ قدماً في إعادة البناء وتوفير البنية التحتية»، مؤكدة أن بلادها مصرّة على «حماية حدودها بجنودها وإخراج مرتزقة الدول كافة، بمن فيهم الذين أرسلتهم تركيا، ما يتيح توفير أجواء تسمح بإجراء الانتخابات». المنقوش، التي ستجري جولات عدّة بمفردها في الأيام المقبلة على عواصم عربية وأوروبية، تسعى إلى حشد رأي عام دولي مؤيّد لاستمرار الدعم للحكومة الحالية، ولا سيما مع ترقّب وصول المراقبين الدوليين والطلب المحتمل بالحصول على جزء من الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، فضلاً عن محاولات إعادة المستثمرين الأجانب للدخول في شراكة مع الحكومة الليبية خلال المدّة القصيرة المقبلة.
أوقفت «مؤسسة النفط» التصدير جرّاء خلافات بينها وبين «المصرف المركزي»


على الصعيد الاقتصادي، تبدو الخلافات الداخلية مؤثرة بشدة في عوائد الحكومة التي تعتمد على تصدير النفط كمصدر وحيد للعملة الصعبة، وخاصة مع إخفاقها في الحصول على الأموال المجمّدة بسبب شرعيتها المؤقتة التي تنتهي يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وقبل يومين، أوقفت مؤسسة النفط التصدير على خلفية خلافات بينها وبين مسؤولي «المصرف المركزي» حول بعض النفقات، وهي خطوة تدخَّل الدبيبة لحلّها، ولا سيما أن أسبابها خلافات شخصية بين القائمين على المؤسّستَين. الشق الآخر في الاقتصاد الذي يجري العمل على معالجته حالياً مرتبط بالميزانية الموحّدة التي يفترض أن يقرّها البرلمان في أقلّ من أسبوعين، في أعقاب رفض إقرار ميزانية قدّمتها الحكومة نتيجة ارتفاع النفقات والمخصّصات في رأي النواب.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا