عمّان | على الطريقة العشائرية، وبوجود «جاهة» ضمّت عدداً من الوجهاء الذين رفعوا مناشدة للصفح عن أبنائهم المعتقلين في ما يُعرف بقضية «الفتنة»، أُعلن لقاء جمع الملك عبد الله الثاني ووليّ عهده، حسين، أمس في العاصمة عمّان، بشخصيات لم تُعلن أسماؤهم من محافظات عدّة. وانتهى اللقاء بدعوة عبد الله المعنيّين إلى اتّباع الآلية القانونية المناسبة ليكون كلّ مَن وصفهم بـ«أهله» ممّن «اندفع وتمّ تضليله وأخطأ أو انجرّ وراء الفتنة التي وُئدت في بداياتها» بين أهله في أقرب وقت. وجاء في ردّ الملك أن «ما جرى كان مؤلماً، ليس لأنه كان هناك خطر مباشر على البلد، فالفتنة كما تحدّثت أوقفناها، لكن لو لم تتوقّف من بدايتها، لكان من الممكن أن تأخذ البلد باتجاهات صعبة، لا سمح الله... من البداية قررّت أن نتعامل مع الموضوع بهدوء، وأنتم بصورة ما حصل، وكيف خرجت الأمور عن هذا السياق». فوراً، وبصورة بدا واضحاً أنها مرتّبة سلفاً، أعلن النائب العام لمحكمة أمن الدولة، القاضي العسكري العميد حازم المجالي، أنه تمّ الإفراج عن عدد من الموقوفين في الأحداث الأخيرة، وعددهم 16. وبذلك، يكون قد أفرج عن المعتقلين المرتبطين بالأمير حمزة الذي لم يحوَّل إلى المحاكمة وتمّ التعامل معه داخل العائلة المالكة بناءً على توجيهات عبد الله. والجدير ذكره أنه في البيان الحكومي الذي تلاه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، أيمن الصفدي، في وقت سابق من الشهر الجاري، ورد أن عدد الموقوفين في القضية ما بين 16 و18. وبالإفراج عن المعتقلين الموصوفين بأنهم «ضُلّلوا»، يبقى باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، إذ لم يُفرج عنهما ارتباطاً باختلاف أدوارهما وتباينها والوقائع المنسوبة إليهما ودرجة التحريض التي تختلف عن بقية المتهمين. وكانت محكمة أمن الدولة قد بدأت التحقيق، في الرابع عشر من الشهر الجاري، في القضية، التي أُحيلت إليها استناداً إلى «قانون منع الإرهاب». والمفارقة، هنا، أن محمد عفيف، وهو الرئيس السابق لمحكمة أمن الدولة، تولّى الدفاع عن عوض الله بعدما التقاه منذ نحو أسبوع، وأكد أن صحته ممتازة وأنه في سجن لا يمكن الإفصاح عنه، علماً بأنه سينضمّ إلى عفيف محامٍ من الولايات المتحدة بناءً على رغبة عائلة عوض الله.
بقي من المعتقلين غير المعفوّ عنهم باسم عوض الله وحسن بن زيد


عملياً، تدخّل الملك في سير القضاء في قضية أمن دولة تنظر فيها محكمة عسكرية، في حين أن قراره قبول «العطوة» من عشائر الموقوفين يبدو ضرورة للخروج من المأزق الداخلي، وإغلاق أيّ ثغرة يمكن أن تكون بوّابة لتطوّر الأحداث وتوظيفها مستقبلاً، سواء داخلياً أو خارجياً، وإن كان البعد الخارجي غالباً على جوهر الحدث وتفاصيله. ولربّما تكون خطوة أمس مقدّمة لـ»تفاهمات» إضافية لم تتوقّف منذ إعلان القضية قبل أسابيع، وإن كانت الوساطة السعودية للإفراج عن عوض الله قد باءت بالفشل، لكن ملفّ القضية بأكمله بات الآن في يد عبد الله، الذي خَبِر الضغوط سابقاً، ويعي حجم ما يمكن أن يتعرّض له إن قادت هذه المحاكمة المنتظرة إلى إدانة وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، حيث لا يبدو أن واشنطن نفسها مستعدّة لدعم عمّان في خصومة قاسية من هذا النوع.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا