منذ عام، انعقدت البيعة للملك سلمان بن عبد العزيز. رُسمت الخطة التي اعتمدها الملك الجديد وأولياء عهده القاضية بإبعاد كل ما يزعج تسلسل الحكم الجديد داخل العائلة وخارجها، باعتماد التهميش، ونقل السلطة إلى الجيل الثاني، ما أغضب جميع الطامعين بنيل قطعة من الكعكة الملكية الدسمة.
البيعة التي يجدد لها سنويّاً في التاريخ نفسه، في تقليد سعودي قديم، ستكون هي المبايعة الثانية في تاريخ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم (13 كانون الثاني الماضي)، وتعتمد المملكة التوقيت الهجري في تجديد البيعة داخل مقر قصر الحكم في الرياض، وتفتح مقار الإمارات في مختلف مناطق المملكة، لينوب كل أمير منطقة عن الملك وولي العهد، وولي ولي العهد، في تلقي البيعة من المواطنين ورؤساء القبائل.
خاضت معها «الدولة السلمانية» معارك عسكرية ودبلوماسية، أولاها مع «عاصفة الحزم»، ألحقتها بـ«إعادة الأمل» في اليمن، إضافةً إلى تشكيل «التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب»، وليس آخرا القرارات المتهورة القاضية بقطع العلاقات مع إيران.
ولعل أهم الأحداث التي مسّت حياة المواطن السعودي المغلوب على أمره في أول عام من البيعة، هو إعلان الميزانية الجديدة والعجز غير المسبوق بسبب الحرب وأسعار النفط، وما رافق ذلك من حملات لتسويق «استراتيجة التحول الوطني» لإنهاء اعتماد النفط مصدرا وحيدا للدولة السعودية.
كل ذلك لم يمنع الجوقة الإعلامية الحكومية من البدء بـ«التطبيل»، لمناسبة مرور عام هجري على تولي الملك سلمان الحكم، بداية مع صحيفة «عكاظ»، التي نشرت ملفاً خصص كل مواده لتصوير سنة حكم سلمان، الذي كان «ملهماً للمفكرين والكتاب والأدباء والساسة والوزراء وللإعلام عموماً في العديد من صفات الإدارة والقيادة والحكم».
أما صفتَا القسوة والغضب في سلمان، فقد جرى الترويج لهما في الصحافة على أنهما مرادفتان لسمة «الحزم» في «القائد الاستثنائي»، التي ألحقت باسم سلمان مع بداية «عاصفة الحزم» على اليمن (26 آذار الماضي) ومحاولة تدميره فوق رؤوس أبنائه بحجة «كبح المد الفارسي»!
الكاتب في صحيفة «الرياض»، محمد الطميحي، تمنّى في ذكرى البيعة الأولى «بناء مدينة سعودية جديدة تحمل اسم الملك سلمان حفظه الله لتمثل نموذجاً للنهضة العمرانية والحضارية التي وصلت إليها بلادنا الآن، وما قد تكون عليه في المستقبل»، كأن الفضاء العام السعودي ليس مطموراً تحت أسماء الملوك والأمراء في كل ناحية وشارع؛ فيما سجلت صحيفة «الوطن» موقفها برسم «انفوغرافيك» حمل عنوان «سنة مجيدة... سلمان الرؤى الرشيدة» يصور «إنجازات» الملك خلال 365 يوما هجريا.
الولاء والطاعة يتجددان في ذكرى البيعة السلمانية، دون الاهتمام بمعركة الخلافة المنتظرة ظهرا من موقف فهد الخالدي في صحيفة «اليوم» السعودية، الذي كتب مبايعة باسم الشعب قال فيها: «كلنا مواطنون سعوديون مخلصون للقيادة حيثما كنا من شاطئ الخليج إلى ساحل البحر الأحمر ومن تبوك إلى نجران؛ نردد بصوت واحد سر يا سلمان ونحن وراءك، ولا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون.. بل نقول: الله معك، ونحن بايعناك.. ونظل معك».
حملة إعلامية ضخمة أرادت تصوير مدى تلاحم القيادة بشعبها في وسط أجواء تعج بالتوتر وبالحروب، اكتملت أركانها مع تدشين عدد من ناشطي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» هاشتاغ حمل عنوان «ذكرى بيعة الملك سلمان»، أعلن به تجديد الطاعة لـ«ولاة» الأمر في ظاهرة افتراضية بدأ ممارستها المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة.