القاهرة | تزامن الاحتفال بـ»يوم المرأة العالمي»، أوّل من أمس، مع توجيه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالسماح للنساء بالجلوس على منصّة القضاء بشكل فوري. ولهذا، طلب من وزير العدل، عمر مروان، تمكين المرأة من الالتحاق بالنيابة العامة ومجلس الدولة، آخر جهتَين قضائيّتَين لم تتمثّل فيهما النساء، علماً بأن هاتين الجهتَين تُعدّان مستقلّتين بشكل كامل، ولا يحقّ للرئيس، بحسب الدستور، التدخُّل في شؤونهما. إلا أن توجيه السيسي، وتأكيد وزير العدل مباشرة أن التوجيه سيُنفَّذ، يُعدّ تدخُّلاً في السلطة القضائية التي ظلّت تواجه جهود الرئاسة، خلال العقود الماضية، لإلحاق النساء بالجهتَين المذكورتَين، بتشدّد كبير وبأحكام قضائية تمنعهنّ حتّى من حقّ التَقدُّم إلى الوظائف القضائية.ورفض قضاة مجلس الدولة عشرات الدعاوى القضائية لنساء قَدَّمن طعوناً على قرار رفض قبول أوراقهن، مع الرجال المتقدِّمين، استناداً إلى قرارات متعاقبة من الجمعية العمومية ترفض تعيين المرأة في المجلس بشكل كامل، وتدّعي أن بعض الظروف اللوجستية هي السبب الرئيسيّ في عدم قبول تعيينهنّ. وسبق لقضاة مجلس الدولة أن رفضوا، قبل 11 عاماً، الانصياع لضغوط سوزان مبارك لتعيين النساء في هذا المنصب الرفيع. ففي عام 2010، رفض 334 قاضياً من أصل 380 تعيين المرأة، على رغم احتفاظ السجلّات القضائية في مجلس الدولة بحكمٍ بتوقيع المستشار عبد الرازق السنهوري، يؤكّد فيه عدم وجود ما يمنع تعيينَ النساء في السلك. وسبق للرئيس المصري أن عيّن الدكتورة فاطمة الرزاز، عميدة كلية الحقوق في جامعة حلوان، عضواً في المحكمة الدستورية، لتصبح ثاني قاضية بعد تهاني الجبالي التي عيّنها مبارك، لكّنها غادرت منصبها بعد إقرار الدستور في عام 2012، والذي نصّ على تقليص عدد القضاة في المحكمة، فيما يحرص السيسي على التوجيه بزيادة تمثيل المرأة في قطاعات الدولة.
ويُعدّ عمل المرأة في القضاء مرحَّباً به على نطاق واسع في هيئة النيابة الإدارية التي يفوق فيها تعيين النساء نسبة 40%، غالبيتهنّ قريبات وبنات مستشارين في جهات قضائية أخرى. وبحسب إحصائية رسمية نشرها «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، فإن نسبة تمثيل المرأة في الهيئات القضائية الأخرى، بما فيها المحاكم الابتدائية التي سُمح فيها، قبل أقلّ من ثلاث سنوات، بتعيين النساء، تُعدّ أقلّ من 1%. وتمكَّن النظام من إدخال المرأة في المحاكم الابتدائية بشكل محدود في دفعة تعيينات وانتقالات من هيئات قضائية إلى أخرى، كانت أبرز الأسماء فيها المستشارة مروة بركات، ابنة النائب العام الأسبق الذي اغتيل على أيدي إرهابيين.
قانونياً، لا يملك وزير العدل أيّ سلطة تُجبِر رؤساء الهيئات القضائية وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء على قبول توجيهات الرئيس. لكن السيسي الذي عدّل قانون السلطة القضائية، وبات قادراً على التدخُّل واختيار رؤساء الهيئات القضائية، يملك من الأدوات ما يكفي لتهديد القضاة وإجبارهم على قبول توجيهه. وفي الشقّ العلني، ترتبط المسألة بالتجهيزات الفنّية المرتبطة بدورها بوجود استراحات يمكن للقاضيات الإقامة فيها وممارسة عملهنّ مع وجود حركة انتقالات مستمرّة بين المحافظات والمدن، وهي أمور يستطيع وزير العدل تجاوزها بتخصيص مزيد من البدلات أو أماكن إقامة للقاضيات والمحقّقات اللواتي سيتم تعيينهنّ. لكن يبقى السؤال مطروحاً: هل ينفّذ القضاة طلبات الرئيس، أم أنهم سيدخلون في صدام مباشر معه، ولا سيّما قضاة مجلس الدولة الذين سبق أن أبطلوا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تضمّنت تنازلاً مصرياً عن جزيرتَي تيران وصنافير؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا