انتهاء عملية تبادل معتقلين بين إسرائيل وسوريا، برعاية الجانب الروسي، لا ينهي دلالاتها، كما لا يُظهر كلّ بنودها التي يُفترض أن تظهر تباعاً، وهو ما بدأ يتسرّب في الإعلام العبري، المحكوم بالرقابة التي تفرض عليه الصمت إزاءها. ولا يتعلّق الأمر فقط بما ورد أمس في صحيفة «هآرتس»، التي كشفت أن صفقة التبادل تضمّنت «بنداً استثنائياً لم يُنشر وبقي مخفيّاً عن الجمهور»، بل بإشاراتٍ دالّة على توجّهات مغايرة - لم تتّضح إلى الآن حدودها النهائية - في الموقف الروسي من الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا. وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بدورها، أمس، أن موسكو طلبت من تل أبيب، عبر ما قالت إنها «تلميحات»، وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية، في سياق التفاوض على إطلاق المستوطنِة الإسرائيلية التي كانت في قبضة القوات السورية. ووفقاً للصحيفة، كان الردّ الإسرائيلي «قاطعاً»، و»حسناً فعل وزير الأمن بني غانتس، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ أوضحا للروس أن القضية إنسانية بحتة ولا مجال لإثارة مطالب ذات طابع سياسي أو عسكري، كأن تُوقِف إسرائيل عملياتها في سوريا، سواء بالقرب من الحدود في الجولان أم في العمق السوري». وبحسب الصحيفة أيضاً، وهنا العنصر الأهمّ في ما أوردته، فـ»من الواضح أن الروس أثاروا مثل هذا الاحتمال عبر تلميحات للمؤسّسة الأمنية في إسرائيل، لكن الردّ الإسرائيلي لم يترك مجالاً لمزيد من النقاش حول هذه القضية، فإسرائيل لن تُضحّي بمصلحة استراتيجية، مقابل قضية إنسانية».بالطبع، لا يعني ذلك أن تل أبيب كانت في وارد الموافقة على وقف هجماتها عبر صفقة التبادل، وبهذه السرعة أيضاً. كما لا يعني أن روسيا بحاجة إلى صفقة من هذا النوع لتَطلُب أو لتُلزِم إسرائيل بوقف هجماتها. إلا أنه دالّ على توجّه روسي، لاحق ربّما، يفرض التوقُّف عنده وفحص معالمه وحدوده. وكانت صحيفة «هآرتس» كشفت، أمس، أن الجانب الإسرائيلي أطلق، بموجب صفقة التبادل، راعيَين سوريَين اعتقلهما جيش العدو قبل أسبوعين، بحجّة تجاوزهما الحدود في الجولان، إضافة إلى صدور عفو عن الأسيرة المُحرَّرة نهال المقت. وأضافت الصحيفة أن الصفقة تضمّنت أيضاً «بنداً استثنائياً يُمنَع الحديث عنه»، و«لو نُشر لكان على ما يبدو أثار خلافاً في أوساط الجمهور الإسرائيلي».
مما تكشّف أمس، وكان لافتاً في دلالاته، أن إسرائيل خطفت الراعيَين السوريَين ونقلتهما إلى معتقلاتها، بهدف المساومة عليهما لإطلاق سراح المستوطِنة الإسرائيلية، التي لم تدخل، للمفارقة، الأراضي السورية بالخطأ، بل عن قصد وتعمّد، من دون الكشف عن الهدف الفعلي من اجتيازها الحدود، علماً بأنها حاولت في السابق اجتياز الحدود الجنوبية والدخول إلى قطاع غزة. وقال معلّق الشؤون السياسية في موقع «واللا»، باراك رافيد، في تقرير نشره في موقع «أكسيوس» الأميركي، إن الجنود الإسرائيليين أُرسلوا، قبل أسبوعين، إلى المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا بحثاً عن «أوراق مساومة»، وانتظروا هناك إلى أن عَبَر راعيان سوريان جيباً في المنطقة، فأسروهما ونقلوهما إلى إسرائيل.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا