ليس بعيداً عن التطوّرات والأحداث التي تعصف بالعراق، برزت التصريحات والمواقف التي تناولت مستقبل هذه البلاد، أمس، وتواردت على مستويات مختلفة ولكنها غير متناقضة، بل قد تكون مكمّلة لبعضها البعض. ففي الوقت الذي شدّد فيه رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني على ضرورة اعتراف زعماء العالم «بفشل اتفاقية سايكس بيكو والتوصل إلى اتفاق جديد، تمهيداً لفتح الطريق لقيام الدولة الكردية»، أعن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، أن «التحالف الدولي» سيستعين «بقوات برية»، في إطار استراتيجيته لمحاربة «داعش» في الموصل والرقة. وقد تقاطع التصريح الأميركي مع معلومات نقلها موقع «سكاي نيوز ــ عربية» تفيد عن وصول قوة خاصة من الجيش الأميركي إلى قاعدة «عين الأسد» العسكرية في محافظة الأنبار، للمساعدة في العمليات البرية «لتحرير مناطق غرب البلاد من قبضة داعش».
وفي مقابلة مع شبكة «سي ان بي سي» من دافوس، صرح كارتر بأن على «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش»، استعادة مدينتي الموصل والرقة، مضيفاً أنه سيستعين «بقوات برية»، لذلك. كارتر أشار إلى أن «التحالف» يستخدم الغارات والقنابل للسيطرة على الطرق بين المدينتين، وقطع الاتصالات بينهما، مضيفاً أن «ذلك سيفصل، بالطبع، المسرح العراقي عن المسرح السوري». لكنه لفت إلى أنه سيتم إرسال المزيد من القوات البرية، على الأرجح، لدعم القوات الموجودة هناك، موضحاً أن جزءاً من الاستراتيجية، أيضاً، تعبئة القوات المحلية «وليس محاولة أن نحل محلها».
طالب السيستاني المسؤولين بالعمل على وقف تدهور الأوضاع الاقتصادية

وعلى هامش مؤتمر «دافوس»، بحث كارتر مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، «تدريب القوات العراقية والحرب على عصابات داعش الإرهابية والانتصارات المحققة، وأهمية إدامة زخمها وخطورة الإرهاب على العالم والدعم الدولي لمواجهته».
كذلك، ناقش نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مع العبادي، أول من أمس، «الحاجة إلى تعبئة دعم دولي لتحقيق الاستقرار في مدينة الرمادي»، التي استعيدت، أخيراً، من تنظيم «داعش»، بحسب ما أفاد به بيان صادر عن البيت الأبيض. وعقد بايدن والعبادي اجتماعاً في دافوس، شجّع خلاله بايدن «على مواصلة الحوار بين العراق وتركيا، لتسوية المخاوف بشأن وجود قوات تركية في شمال العراق».
إلا أن العبادي أكد، في سياق آخر، أن العراق لم يحصل على الدعم الكبير المطلوب لمحاربة «داعش»، مضيفاً أن «بعض إعلام دول المنطقة يحاول تأجيج الوضع في العراق». وفي كلمته في الجلسة العامة التي استضافها المنتدى، مع رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، قال إن «العراق يحقّق الانتصارات على داعش، وكان آخرها الانتصار الكبير في الرمادي الذي أدهش العالم، ولكن هناك من يموّل داعش ويثير النعرات الطائفية»، مضيفاً أنه «أمر تستفيد منه تلك العصابات».
وفي ظل التخبط العراقي داخلياً، دعا رئيس إقليم كردستان في العراق مسعود البرزاني، أمس، زعماء العالم إلى الاعتراف «بفشل اتفاقية سايكس بيكو التي رسمت الحدود في منطقة الشرق الأوسط»، وحثّهم على التوصل إلى اتفاق جديد، «تمهيداً لفتح الطريق لقيام الدولة الكردية». وقال البرزاني لصحيفة «ذا غارديان» البريطانية، إن «المجتمع الدولي بدأ يتقبّل فكرة أن العراق وسوريا لن يعودا كدولتين موحدتين، بسبب الأوضاع المضطربة على مدى العقد الماضي»، معتبراً أن «التعايش الإلزامي أثبت إخفاقه». وأبدى اعتقاده بأنّ «قادة العالم توصلوا إلى نتيجة مفادها أنّ حقبة اتفاقية سايكس بيكو انتهت». وقال «سواء أعلنوا ذلك أو لا، فهذا أمر واقع».
وفيما أشار إلى أن «الحفاظ على الوضع القائم في المنطقة سيؤدي إلى تفكك ودمار أكثر»، تحدث عن «استقلال إقليم كردستان»، موضحاً أنه بات الآن «أقرب من أي وقت مضى».
في غضون ذلك، طالب ممثل المرجع الديني في العراق علي السيستاني، المسؤولين الحكوميين العراقيين بالعمل على وقف تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، غداة إعلان وزير المالية هوشيار زيباري أن البلاد ستعيش، خلال عام 2016، أزمة اقتصادية «صعبة وقاسية»، بسبب انهيار أسعار النفط.
وقال ممثل السيستاني، أحمد الصافي، في خطبة الجمعة، «اليوم يعاني العراق من مشاكل حقيقية وتحديات كبيرة، بالإضافة إلى التحدي الأكبر في محاربة الإرهاب الداعشي والتحديات الأمنية الأخرى». ولكنه أشار إلى أن «هناك التحدي الاقتصادي والمالي، الذي يهدّد بانهيار الأوضاع المعيشية للمواطنين، نتيجة لانخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة وغياب الخطط الاقتصادية المناسبة وعدم مكافحة الفساد».
وفي السياق، توجّه إلى المسؤولين قائلاً إن عليهم «أن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويسخّروا كل إمكاناتهم لإيجاد منافذ مالية جديدة ووضع خطط اقتصادية مناسبة للخروج من الأزمة الخانقة الراهنة»، مطالباً هؤلاء المسؤولين بـ«العمل على تطوير مؤسسات البلاد، وتطهيرها من الفساد والفاسدين وإصلاح القوانين والأنظمة الإدارية».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)